وإن كان المضمون له لم يطالبه بالحق فهل له أن يأخذه بتخليصه أم لا؟ قيل فيه وجهان:
أحدهما: له ذلك والآخر ليس له ذلك والأول أقرب.
إذا ضمن رجل عن رجل مالا عليه ثم إنه ضمن عن الضامن آخر وعن الثاني ضمن ثالث فذلك كله صحيح لأنه إنما تصح في الأول لأن الدين انتقل إلى ذمته وهذا موجود في حق كل واحد منهم. فإذا ثبت هذا فمتى قضى الحق بعضهم سقط عن الباقين سواء قضى من عليه أصل الحق أو الضامن الأول أو الثاني أو الثالث لأن الحق إذا سقط بالقضاء والقبض برئ منه كل موضع تعلق به.
وأما الإبراء فإن أبرء الذي عليه أصل الدين برئ الجميع لأنه إذا سقط الحق عن الأصل سقط عن الفرع، وإذا أبرء الضامن الأول سقط عنه الحق وسقط عن الضامن الثاني والثالث لأنهما فرعان له، وإذا أبرء الأصل برئ الفرع ولا يبرء الأصل ببرائة الفرع.
وإن أبرء الضامن الثاني برئ وبرئ الثالث لأنه فرع له ولا يبرء الأول و لا من عليه أصل الدين، وإن أبرء الضامن الثالث برئ ولم يبرء من عليه الدين والضامن الأول والثاني بمثل ذلك هذا كله على قول من قال: إن له مطالبة كل واحد من الضامن والمضمون عنه فأما على ما اخترناه في أنه ليس له إلا مطالبة الضامن فليس له هاهنا إلا مطالبة الضامن الأخير فإن أبرأه برئ، وإن لم يبرئه فهو المطالب وإن أبرء الأصل أو من بينه وبينه من الضمناء لم يسقط عنه لأنه أبرء من ليس له عليه حق.
إذا كان له على رجلين ألف درهم على كل واحد منهما خمسمائة وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه فإن للمضمون له أن يطالب أيهما شاء بالألف فإن قضاه أحدهما الألف بريا جميعا من الألف لأن الألف واحدة وقبضه فلم يبق له حق فبريا جميعا فإن قضاه نصفها نظر فإن قضى الذي عليه أصلا سقط عنهما معا، وإن قضى الذي عليه فرعا سقط عنهما جميعا.
وإن اختلفا فقال الذي قضى: إني قضيت عن الذي على أصلا وعينت بلفظي