عنه في إبراء الضامن يصح لأن المال في ذمة الضامن وتوكيل الضامن في إبراء المضمون عنه لا وجه له لأنه لا حق عليه، في إبراءه نفسه على ما مضى.
إذا وكله في إبراء غرمائه لم يدخل هو في الجملة، وكذلك في حبس غرمائه ومخاصمتهم، وكذلك إذا وكله في تفرقة ثلثه في الفقراء والمساكين لم يجز أن يصرف إلى نفسه منه شيئا، وإن كان فقيرا مسكينا لأن المذهب الصحيح أن المخاطب لا يدخل في أمر المخاطب إياه في أمر غيره فإذا أمر الله تعالى نبيه بأن يأمر أمته أن يفعلوا كذا لم يدخل هو في ذلك الأمر فإن صرح له بأن يبرئ نفسه أيضا معهم فعلى ما مضى من الوجهين.
إذا وكل رجلا في قبض دين له على غيره فادعى الوكيل أنه قبضه منه وسلمه إليه أو قال: تلف في يد وصدقه من عليه الدين، وقال الموكل: لم يقبضه منه قال قوم إن القول قول الموكل مع يمينه ولا يقبل قول الوكيل ولا المدين إلا ببينة لأن الموكل يدعي المال على المدين دون الوكيل لأنه يقول: أنا لا أستحق عليك شيئا لأنك لم يقبض المال، وإن مالي باق على المدين ولهذا إذا حلف المدعي طالب الذي عليه الدين ولا يثبت بيمينه على الوكيل شئ فإذا كان كذلك كان بمنزلة أن يدعى من عليه الدين دفع المال إليه وهو ينكره فيكون القول قوله: وكذلك هاهنا، وهذا أقوى.
إذا وكله بالبيع والتسليم وقبض الثمن فباعه وسلم المبيع فادعى قبض الثمن وتلفه في يده أو دفعه إليه فأنكر الموكل أن يكون قبضه من المشتري كان القول قول الوكيل مع يمينه لأن الوكيل مدعى عليه لأنه يدعي أنه سلم المبيع ولم يقبض الثمن فصار ضامنا فيكون القول قول الوكيل مع يمينه لأن الأصل أنه أمين وأنه لا ضمان عليه، ويخالف المسألة الأولى لأن المدعى عليه هو الذي عليه الدين وهو الخصم فيه وفي المسألة الأولى إذا جعلنا القول قول الموكل لم نوجب على الوكيل غرامة وفي المسألة الثانية نوجب غرامته فجعلنا القول قول الوكيل في الثانية إذا كان بالضد من ذلك فادعى المشتري دفع الثمن إلى الوكيل وأنكر الوكيل ذلك وصدقه الموكل كان القول قول الموكل إذا ادعى لم يجز له الرد على المشتري لأنه يدعي أنه لم يدفع الثمن إليه