أمانه ورده إلى مأمنه لقوله تعالى ﴿وإما تخافن من قوم خيانة فأنبذ إليهم على سواء﴾ (١).
فصل: فيما يشرط على أهل الذمة المشروط في عقد الذمة ضربان: أحدهما يجب عليهم فعله، والآخر يجب عليهم الكف عنه. فما يجب عليهم فعله على ضربين: أحدهما بدل الجزية، والآخر التزام أحكام المسلمين، ولا بد من ذكر هذين الشرطين في عقد الجزية لفظا ونطقا فإن أغفل ذكرهما أو ذكرهما أو ذكر أحدهما لم ينعقد لقوله تعالى ﴿حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون﴾ (2) والصغار التزام أحكام المسلمين وإجراؤها عليهم.
وأما ما يجب الكف عنه فعلى ثلاثة أضرب: ضرب فيه منافاة الأمان، وضرب فيه ضرر على المسلمين، وضرب فيه إظهار منكر في دار الاسلام. فذكر هذه الأشياء كلها تأكيد وليس بشرط في صحة العقد.
فأما ما فيه منافاة الأمان فهو أن يجتمعوا على قتال المسلمين فمتى فعلوا ذلك نقضوا العهد وسواء شرط ذلك في عقد الذمة أو لم يشرط (3) لأن شرط الذمة يقتضي أن يكونوا في أمان من المسلمين، والمسلمون في أمان منهم، وأما ما فيه ضرر على المسلمين يذكر فيه ستة أشياء: ألا يزني بمسلمة ولا يصيبها باسم نكاح، ولا يفتن مسلما عن دينه، ولا يقطع عليه الطريق ولا يؤدي (4) للمشركين عيبا، ولا يعين على المسلمين بدلالة أو بكتبه كتاب إلى أهل الحرب بأخبار المسلمين ويطلعهم على عوراتهم فإن خالفوا شرطا من هذه الشرايط نظر فإن لم يكن مشروطا في عقد الذمة لم ينقض العهد لكن إن كان ما فعله يوجب حدا أقيم عليه الحد فإن لم يوجبه عزر، وإن كان مشروطا عليه في عقد الذمة كان نقضا للعهد لأنه فعل ما ينافي الأمان. فأما إذا