نظر في الأم فإن كانت على دين يقر عليه أهله ببذل الجزية أقر ولده الصغير في دار الاسلام سواء ماتت الأم أو لم تمت، وإن كانت على دين لا يقر عليه أهله كالوثنية وغيرها فإنهم يقرون أيضا لما سبق لهم من الذمة والأم لا يجب عليها القتل.
فصل: في نقض العهد إذا عقد الإمام لعدة من المشركين عقد الهدنة إلى مدة فعليه الوفاء بموجب ذلك إلى انقضاء المدة لقوله تعالى ﴿أوفوا بالعقود﴾ (١) وعليهم أيضا الوفاء بذلك فإن خالف جميعهم في ذلك انتقضت الهدنة في حق الجميع وإن وجد من بعضهم نظر في الباقين فإن لم يكن منهم إنكار بقول أو فعل ظاهر أو اعتزال بلادهم أو مراسلة الإمام بأنهم على خلف كان ذلك نقضا للهدنة في حق جميعهم، وإن كان فيهم إنكار لذلك كما بيناه كان الباقون على صلحه دون الناقضين لأن النبي (صلى الله عليه وآله) صالح قريشا فدخل في صلحه خزاعة وفي صلحهم بنو بكر. ثم إن بني بكر قاتلوا خزاعة وأعانهم قوم من قريش وأعارهم السلاح فنقض رسول الله (صلى الله عليه وآله) الهدنة وسار إليهم ففتح مكة.
وأما إذا أنكر الباقون فالهدنة ثابتة في حقهم لأنه لا يضيع لهم فيما فعله فإذا ثبت هذا فكل موضع حكمنا أن الهدنة زالت في حق الكل فإنهم يصيرون بمنزلة أهل الحرب الذين لم يعقد لهم هدنة، وللإمام أن يسير إليهم ويقاتلهم، وكل موضع حكمنا بنقضها في حق بعض دون بعض نظر فإن اعتزلوا وفارقوا بلادهم سار الإمام إلى الناقضين وقاتلهم على ما ذكرناه، وإن لم يعتزلوهم ولم يميزهم الإمام لم يكن للإمام أن يسير إليهم ليلا ولا يبيتهم لكن يميزهم ثم يقاتل الباقين فإن عرفهم فذاك وإن أشكل عليه فالقول قولهم لأنه لا يتوصل إليه إلا من جهتهم.
إذا خاف الإمام من المهادنين خيانة جاز له أن ينقض العهد لقوله تعالى ﴿وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء﴾ (2) ولا تنقض الهدنة بنفس الخوف بل للإمام