قيل فيه: وجهان: أحدهما: لا يجوز، والثاني: يجوز فإذا ثبت أن الحوالة لا تصح إلا فيما ذكرناه فإنها لا تصح إلا بشرطين:
أحدهما: اتفاق الحقين في الجنس والنوع والصفة.
والثاني: أن يكون الحق مما يصح فيه أخذ البدل قبل قبضه لأنه لا يجوز (1) الحوالة بالمسلم فيه لأنه لا يجوز المعاوضة عليه قبل قبضه، وإنما شرطنا اتفاق الحقين لأنا لو لم نراعه أدى إلى أن يلزم [ه] المحال عليه أداء الحق من غير الجنس الذي عليه ومن غير نوعه وعلى غير صفته، وذلك لا يجوز، وإنما شرطنا أن يكون الحق مما يقبل أخذ البدل فيه قبل قبضه لأن الحوالة ضرب من المعاوضة فلم تصح إلا حيث تصح المعاوضة هذا كله إذا أحاله بدينه على من له عليه دين فأما إذا أحاله على من ليس له عليه دين فإن ذلك لا يصح عند المخالف، ويقوى عندي أنه يصح إذا قبل الحوالة.
وإذا أحال رجل على رجل بالحق وقبل الحوالة وصحت تحول الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه إجماعا إلا زفر، واشتقاق الحوالة يقتضي ذلك لأنها مشتقة من التحويل، والمعنى إذا حكم الشرع بصحته وجب أن يعطيه حقه ويحكم بانتقال الحق من المحيل إلى المحال عليه، فإذا ثبت ذلك فإن المحتال إذا أبرء المحيل بعد الحوالة من الحق لم يسقط حقه عن المحال عليه لأن المال قد انتقل عنه [منه خ ل] إلى غيره فإذا ثبت أن الحق قد انتقل من ذمته فإنه لا يعود إليه سواء بقي المحال عليه على غناه حتى أداه أو جحد حقه وحلف عند الحاكم أو مات مفلسا أو فلس و حجر عليه الحاكم.
إذا اشترى رجل من غيره عبدا بألف درهم ثم أحال المشتري البايع بالألف الحوالة على رجل للمشتري عليه ألف درهم وقبل البايع صحت الحوالة ثم إن المشتري وجد بالعبد عيبا فرده وفسخ البيع بطلت الحوالة لأنها تابعة لصحة البيع فإذا بطل بطلت، وفي الناس من قال: لا يبطل، وللبايع أن يطالب المحال عليه بالحق وللمشتري أن يطالب البايع بالثمن، وعلى ما قلناه ليس للبايع مطالبة المحال عليه بالحق