فلأنه لا ينتفع به في محل الدين فإن المنافع تتلف بمضي الزمان. والدين الحال لا يجوز أيضا لأن المقصود الوثيقة، ولا يحصل الوثيقة بها لأنها تتلف بمضي الزمان.
وإن رهن أرضا إلى مدة على أنه إن لم يقضه فيها فهي مبيعة بعد المدة بالدين الذي له عليه فإن البيع فاسد لأنه بيع متعلق بوقت مستقبل، وهذا لا يجوز والرهن فاسد لأنه رهن إلى مدة ثم جعله بيعا والرهن إذا كان موقتا لم يصح وكان فاسدا، ويكون غير مضمون عليه إلى وقت البيع لأنه رهن فاسد والفاسد كالصحيح في سقوط الضمان.
وأما من وقت البيع فإنه مضمون لأنه في يده بيع فاسد والبيع الفاسد والصحيح يكون مضمونا عليه، وإن كان الرهن أرضا فغرس المرتهن فيها غرسا نظر فإن غرس في مدة الرهن أمر بقلعه لأنه غير مأذون له فيه وإن غرس في مدة البيع فإن غرسه بإذن الراهن لأنه ملكه بعد انقضاء الأجل فأذن له في التصرف فهو مأذون له فيه وإن كان البيع فاسدا. فعلى هذا إن أراد المرتهن قلعه ونقله كان له لأنه عين ماله، وإن امتنع من قلعه كان الراهن بالخيار بين أن يقره في أرضه فيكون الأرض للراهن والغراس للمرتهن، وبين أن يعطيه ثمن الغراس فيكون الجميع للراهن، وبين أن يطالبه بقلعه على أن يضمن له ما نقص من الغراس بالقلع، وكذلك البناء مثل الغراس لا فرق بينهما.
والشرط المقترن بعقد الرهن على ضربين: شرط موافق لمقتضى العقد، وشرط مخالف لمقتضاه فالأول أو يشرط أن يسلم الرهن إليه أو يبيعه عند محل الدين أو يكون منافعه للراهن فإن هذا كله جايز لأنه شرط يقتضيه مطلق الرهن وذكره تأكيد، وإن كان الشرط مخالف لمقتضاه مثل أن يشرط ألا يسلم الرهن إليه أو لا يبيعه في محله أو يبيعه بعده بشهر أو لا يبيعه إلا بما يرضاه الراهن أو بما يرضاه أجل آخر ويكون نماؤه رهنا معه، وما أشبه ذلك فهذه كلها شروط فاسدة لأنها مخالفة لمقتضى عقد الرهن، وما كان كذلك فهو مخالف للشرع وكان فاسدا فهل يفسد الرهن أم لا نظر فيه.