وأما التوكيل لمن يقر له به ويصدقه فيه ويصالحه عنه توصل إلى شرائه وذلك جايز، وقال قوم: لا يجوز والأول أظهر.
وإذا قال المدعى عليه: صالحني منه على كذا لم يكن ذلك إقرار بالمدعى، وإن قال: ملكني كان إقرار لأن ملكني صريح في أنه ملك للمدعي، وصالحني ليس بصريح فيه لأنا قد بينا أن الصحيح في الصلح أنه ليس ببيع، وإن قال: بعني يجب أن يكون إقرارا من المدعى عليه لأنه لا فرق بين قوله: ملكني وبين قوله: بعني.
إذا أخرج من داره روشنا إلى طريق المسلمين فإن كان عاليا لا يضر بالمارة ترك ولم يقلع فإن عارض فيه واحد من المسلمين وجب قلعه لأنه حق لجميعهم فإذا أنكر واحد منهم لم يغصب عليه ووجب قلعه فأما إذا كان فيه ضررا بأن يكون لاطيا يضر بالمارة وجب قلعه ويعتبر الضرر في كل مكان بما يمر فيه. فإن كان شارعا فهو بما يمر فيه الأحمال الجافية والكنايس والعماريات والمحامل ولا يمنع من اجتياز ذلك، وإن كان دربا لا يجتاز فيه ذلك وإنما يمشي فيه الناس يعتبر إلا يكون مانعا من المشي وإن أدى إلى أن يظلم الطريق لم يكن ذلك إضرارا ولا يمنع من المشي وحكي عن قوم إنهم اعتبروا ما لم يمنع رمح الراكب وهو منصوب وكانوا يقولون: ربما زوحم الفرسان فيه فاحتاجوا إلى إقامة الرماح، وقال قوم: هذا غير صحيح لأنه يمكنهم أن يحملوها على أكتافهم وهو أقرب.
والدرب الذي لا ينفذ من الناس من قال: هو بمنزلة النافذ لأن لكل أحد سلوكه والدخول فيه ومنهم من قال: إن ملاكه معينون فلا يجوز لأحد منهم اخراج الروشن إلا بإذن الباقين ولا يجوز أن يخرج روشنا إلى زقاق خلف داره بلا خلاف إذا لم يكن بابه إليه إلا بإذن أهل الزقاق لأنه لا طريق له فيه فلا خلاف أنه إذا أخرج روشنا لاطيا يضر بأهل الزقاق فرضوا به أنه يترك وهذا يدل على أن الحق لهم، ولا يجري مجرى الطريق النافذ.
فإذا ثبت هذا فأخرج روشنا إلى درب نافذ من غير ضرر كان لجاره المقابل أن يخرج روشنا بإزائه على وجه لا يضر به وهو الآن يمنعه من الانتفاع به وإن كان [الأول]