ونحوه، شبه القواعد من النساء التي لا ترجو نكاحا ولا تطمع فيه، على أن الظاهر جواز إبداء الزينة لمثله، بمعنى عدم وجوب وضع نحو الملحفة والخمار ونحوهما على ثياب الزينة وحليها، لا أن المراد ارتفاع حكم العورة بالنسبة إليه في جميع الجسد وصيرورته كالمحرم، كما يدعيه الخصم الذي يمكن دعوى ضرورة المذهب أو الدين على خلافه، وقد سمعت سابقا إطلاق الفتوى ومعقد الاجماع على عدم جواز النظر إلى الأجنبية عدا الوجه والكفين، نعم في جامع المقاصد ولو كان شيخا كبيرا جدا هرما ففي جواز نظره احتمال، ومثله العنين المخنث، وهو المشبه بالنساء، واختار في التذكرة أنهم كالفحل، لعموم الآية (1) وهو قوي، وربما نزل على الأبله الذي لا يحتاج إلى النساء ولا يعرف شيئا من أمورهن، وهو كما ترى لم يحكم بشئ، ولعل ذلك منه ومن غيره مؤيد لما ذكرناه سابقا من حرمة نظر الوجه والكفين مطلقا إلا غير أولي الإربة، حتى يكون موضوعا للآية التي لم أقف على من قال إنها منسوخة بآية الغض (2) أما على القول بالجواز لغيرهم فضلا عنهم وعدم جواز غيرهما لهم أيضا، فلا موضوع لاستثنائهم، اللهم إلا أن يلتزموا بجواز نظر من لا إربة له زائدا على الوجه واليدين، كما هو مقتضى كلام جماعة، منهم ثاني الشهيدين وغيره، خصوصا من كتب منهم في آيات الأحكام، فيكون ذلك استثناء منهم على نحو استثناء القواعد من الأجنبية.
وأغرب من ذلك كله عدم استبعاد إرادة خصوص الخصي من الآية مع اندراجه في غير أولي الإربة عند هذا القائل، واستبعاد إرادة الإماء مما ملكت أيمانهن بعد ما سمعت ما عن المبسوط والخلاف وفقه القرآن للراوندي والسرائر من نسبة ذلك إلى رواية أصحابنا، بل ركن إليه ابن إدريس الذي لا يعمل بأخبار الآحاد، مع أن ظاهر الآية ذكر الذكور أولا ثم ذكر الإناث بقوله (3) تعالى: " نسائهن أوما ملكت أيمانهن " لبيان عدم كون محال الزينة مثل العورة المحرم نظرها على الرجال