القواعد ذلك وإن خرجنا عنها بالنصوص، كما عساه يشهد له التعبير بالأشبه المعروف إرادة ما ذكرناه منه في نسخة قديمة، وحينئذ فيكون عدم معرفته الخلاف بالنسبة إلى التحريم الذي نقله عن الشيخ وأتباعه، لا كما توهمه بعضهم منه من العكس، وأن المراد نفي معرفته من غير الشيخ وأتباعه، فإن أستاده المحقق وقبله ابن إدريس مصرحان بالحرمة، فالمسألة حينئذ لا ريب فيها، وكان الوجه في تخصيص ولد المرضعة بالنسبي دون الفحل عدم حرمة الرضاعي منها على ولده الذي هو المنشأ في التحريم عليه، لما عرفت من اعتبار اتحاد الفحل بخلاف صاحب اللبن، فإن جميع أولاده يحرمون على المرتضع نسبا ورضاعا كما تقدم، مضافا إلى ما أشار إليه خبر عيسى من أن المنشأ في التحريم لبن الفحل الذي هو مشترك بين الرضاعي والنسبي، بل قد لا يشرب النسبي منه، فلا إشكال في الحكم حينئذ.
ومن الغريب تردد بعض متأخري المتأخرين في أصل الحرمة، بعد ما سمعت من النصوص المعتبرة المعتضدة بالعمل والاحتياط، وأصالة الحرمة في وجه السالمة عن معارضة ما عدا الأصل المقطوع بعد تسليمه وما عدا ما يفهم من نصوص الرضاع من كون عنوان المحرم منه ما يحرم من النسب، والفرض عدمه في المقام كما عرفت الذي يمكن منع دلالتها على الحصر في ذلك. فلا تنافي حينئذ بينها وبين أدلة المقام، ومع التسليم - بل لعله الظاهر المنساق منها، خصوصا بعد ذكرها في مقام التحديد والبيان - يجب تخصيصها بما هنا، كما هو مقتضى القواعد، لا حملها على الكراهة البعيدة عن سياقها، خصوصا خبر ابن مهزيار منها.
(و) إنما الكلام في أنه (هل ينكح أولاده الذين لم يرتضعوا من هذا اللبن في أولاد هذه المرضعة وأولاد فحلها؟ قيل) والقائل الشيخ في الخلاف والنهاية:
(لا) يجوز، بل عن الأول منهما الاجماع عليه، لاستلزام صيرورتهم أولادا لأبيهم الأخوة بينهم، بل الحرمة بينهم من مقتضى حكم إطلاق المنزلة.
(و) لكن مع ذلك (الوجه الجواز) وفاقا للمحكي عن الأكثر، للأصل بعد منع الاجماع المزبور، بل المحكي عنه نفسه في المبسوط الحكم بالجواز، ومن هنا