احتمل في إجماعه أنه على التحريم على الأب أو على المنزلة في الجملة، بل قيل: إنه لا خلاف في الجواز، لرجوعه عن الحرمة فيهما إلى الجواز في المبسوط المتأخر عنهما، كما أن المحكي عن الشهيد في بعض تحقيقاته من الحرمة أما أنا لم نتحققه قد رجع عنه في اللمعة التي هي آخر ما صنف، فقطع بالجواز، ومنع استلزام التنزيل المزبور ذلك، ضرورة إمكان كون المراد منه ذلك بالنسبة إلى التحريم على الأب، بل لعله المنساق منه، خصوصا خبر ابن مهزيار منها، بل المنساق من كل علة لحكم أنها علة للحكم الذي سيقت له، على أن منصوص العلة بناء على حجيته في غير محل العلة يراد منه تسرية الحكم في كل موضوع وجدت فيه العلة، نحو " حرمت الخمر لاسكاره " المقتضي لحرمة كل مسكر، ومقتضى ذلك الحرمة في كلما صاروا في حكم ولده، لا الحرمة بالنسبة إلى أولاده، ضرورة عدم كون ذلك من مفاد العلة، بل هو قسم من مستنبط العلة بتقريب أنهم إذا صاروا بحكم ولده استلزم ذلك صيرورة ولده إخوة لهم، فيحرم نكاحهم فيهم.
بل تعدى بعض هؤلاء المتوهمين، وقال: إن ولد الفحل والمرضعة ما حرموا على أبي المرتضع إلا لصيرورتهم إخوة ولده، وهم في النسب منحصرون في الأولاد والربائب، فيحرمون في الرضاع، ومقتضى ذلك التحريم بالرضاع لكل امرأة صارت بمنزلة امرأة محرمة نسبا أو مصاهرة وإن لم يوجد سببها، فتحرم أم المرضعة على أب المرتضع، لصيرورتها بمنزلة أم الزوجة باعتبار كونها جدة ولده، بل ربما صرح بعض هؤلاء بحرمة أختها عليه، وحينئذ فإذا أرضعت ولده أخت زوجته حرمت امرأته عليه، بل صرح بعض هؤلاء في رسالته بنشر الحرمة أيضا من الفحل وأولاده في آباء المرتضع وأولادهم إذ كما حرم على أبي المرتضع لكونهم بمنزلة ولده باعتبار أخوتهم لولده كذلك بالنسبة إلى الفحل وأولاده، ضرورة صيرورة المرتضع ولدا له بالرضاع، فيكون إخوته بمنزلة الولد له على حسب ما سمعته في أب المرتضع، فيحرمون عليه، وهكذا بالنسبة إلى جداته من طرف الأب والأم على حسب العموم في أب المرتضع.