وبالجملة متى ارتضع المرتضعان من امرأة واحدة ولبن فحل واحد انعقدت الأخوة بينهما وبين إخوة كل منهما، وانتشرت الحرمة فيهم وفي الآباء النسبيين والرضاعيين، ومن غير فرق بين المصاهرة والنسب.
بل وقفت على بعض الرسائل المعمولة في هذه المسألة، فرأيت فيها أمورا عجيبة وأشياء غريبة يقطع من له أدنى نظر بخروجها عن المذهب أو الدين، حتى التزم فيها حرمة كل امرأة أرضعت أولاد بعض المحرمات نسبا أو رضاعا، لصيرورتها بالرضاع بمنزلة تلك المحرمات، فمرضعة ابن العمة عمة وابن الخالة خالة وهكذا، بل مقتضى ما ذكروه في رسائلهم حرمة بنات عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جميعهن بسبب رضاعه مع عمه حمزة عند امرأة واحدة بلبن فحل واحد، فإنه بذلك صار أخا له، واستلزم ذلك إخوة النبي لجميع إخوة حمزة، فلا يجوز له نكاح أحد من بنات عمه، وهو مخالف لصريح قوله تعالى (1): " إنا أحللنا لك أزواجك - إلى قوله - وبنات عمك وبنات عماتك " ولمفاخرة الصادق أو الباقر عليهما السلام مع الرشيد في تزويج النبي صلى الله عليه وآله منه لو خطب منه كريمته (2) وهي مشهورة معروفة، بل مخالف لصريح موثق يونس بن يعقوب (3) قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة أرضعتني وأرضعت صبيا معي ولذلك الصبي أخ من أبيه وأمه فيحل لي أن أتزوج ابنته؟ قال: لا بأس " بل هو مناف لموثق إسحاق بن عمار (4) عن أبي عبد الله عليه السلام " في رجل تزوج أخت أخيه من الرضاع، فقال: ما أحب أن أتزوج أخت أخي من الرضاعة " ضرورة ظهورها في الكراهة، فلا بد من حملها على إرادة الأخت من الرضاعة لأخيه من النسب، بمعنى أن أخاه النسبي قد ارتضع من امرأة، ولها بنت من أبيه الرضاعي أو من غيره، فإنه يحل لأخيه النسبي نكاح هذه البنت وإن كانت أختا لأخيه ومحرمة