له على كل حال، فإن كان البضع ملحقا بها ضمن في الحالين وإلا فلا، والفرق بينه وبين الحفر بعد تحقق الاتلاف فيه دونه واضح، قلت هو كذلك نعم قد يمنع كون البضع من الأموال، ضرورة عدم صدق المالية عرفا، ولذا لم يتحقق به غنى ولا استطاعة، ولا بالمهر في مقابلته خمس ولا غير ذلك من لوازم المالية عرفا، وملك الانتفاع به في مقابلة ملك المهر لا يقضي بكونه مالا، إذا المال قد يكون عوضا شرعا لغير المال كما في الديات وأروش الجنايات، على أن ملك الانتفاع غير ملك المنفعة، ولذا لم يصح له نقلها للغير، كما لا يصح له الرجوع على الزاني، بل وعلى المشتبه، ولا عليها أو على غيرها لو قتلت نفسها، بل من ذلك يعلم أنه ليس من منافع الحر المقابلة بمال فضلا عن أن يكون مالا بنفسه.
ولعله لذا قال المصنف (وفي الكل تردد مستنده الشك في ضمان منفعة البضع) قلت: بل كان المتجه الجزم بعدمه، وإلا لكان اللازم الرجوع بمهر المثل سواء كان الذي غرمه أزيد أو أنقص، كما أن المتجه الرجوع على الصغيرة التي رضعت بنفسها بما زاد من مهر المثل على المسمى، ولها الرجوع عليه بما زاد من المسمى عليه، نعم يقاصها بالمساوي من مهر المثل للمسمى.
ومن جميع ما ذكرناه يعلم الكلام فيما ذكره في المسالك تبعا لغيره من الصور الباقية التي (منها) ما لو كان الرضاع بفعل الصغيرة والكبيرة عالمة لكن لم تعنها عليه، فإن في إلحاقها بالسابقة أو عدم الضمان وجهين: من أنها لم تباشر الاتلاف، ومجرد قدرتها على منعها لا يوجب الضمان، كما لو لم تمنعها من مباشرة إتلاف مال الغير مع قدرتها على المنع.
قيل: وربما ظهر من المصنف وأكثر الجماعة أن تمكينها بمنزلة المباشرة، وبه صرح في التذكرة، بل في المسالك أن ظاهر الأصحاب القطع بالحاق التمكين بالمباشرة، ولعله لأن المرتضعة غير مميزة، فكان تمكينها من الرضاع بمنزلة الفعل، ولكن إن لم يكن إجماعا لا يخلو من نظر، ومن هنا قال في المسالك:
" لو قيل هنا باشتراك الصغيرة والكبيرة في الفعل، فيكون السبب منهما، ولا يرجع