عدمه، إذ لا يخفى كون الخطاب بالآية الشريفة لموسى على نبينا وعليه السلام، فإنه سبحانه قال (1): (وهل أتاك حديث موسى - إلى أن قال -: فلما أتاها نودي يا موسى إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى، وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى، إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني، وأقم الصلاة لذكري، إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى، فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى، وما تلك بيمينك يا موسى) إلى آخرها، واحتمال إرادة الخطاب لنبينا صلى الله عليه وآله بقوله: (فاعبدني) إلى قوله: (وما تلك) على أن يكون جملة معترضة بينهما أو لكل مكلف في غاية الضعف بل الفساد، على أنه لا ينافي ما ستسمع، بل الظاهر أنه تعالى شأنه لما بشره بالرسالة أمره بالاستماع لما أوحاه له من التوحيد الذي هو أصل الأصول والفروع، والعبادة له تعالى التي هي نتيجة كمال الايمان الكاشفة عن حصوله وثبوته، ثم عطف الصلاة له عليها من عطف الخاص على العام، لأنها أفضل العبادات وعمود الطاعات، فالياء في ذكري كياء فاعبدني أي أقم الصلاة لي، إذ إقامتها لذكره إقامة له تعالى شأنه، أو أن المراد أقمها لأجل ذكري، إذ الصلاة في الحقيقة باعتبار اشتمالها على التسبيح والتعظيم والأذكار واشتغال القلب واللسان في الله بسببها ذكر من أذكاره، بل عبر عن الصلاة بالذكر في قوله تعالى (2): (فاسعوا إلى ذكر الله) وقوله تعالى (3): (فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم) وقوله تعالى (4): (الذين يذكرون الله قياما وقعودا) ومنه (5) (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون) وعن
(٨٩)