ومن ذلك ظهر وجه قول المصنف: (ولا تؤم المرأة رجلا) لما عرفته سابقا (ولا خنثى) لاحتمال كونه رجلا، وقد عرفت انحصار إمامتها بالنساء، وأما الخنثى بالخنثى فهما وإن كان الشرطية والحصر المزبوران لا يصلحان سندا لعدم الجواز فيهما قطعا، إذ أقصاهما أن الذكور لا يؤمهم إلا ذكر، والمرأة لا تؤم إلا النساء، وليس في ائتمام الخنثى بالخنثى منافاة لشئ منهما، لعدم معلومية ذكورية المأموم منهما كي ينافيه احتمال أنوثية الإمام، وعدم معلومية أنوثية الإمام كي ينافيها احتمال ذكورية المأموم، لكن ليس في الأدلة إطلاقات أو عمومات واضحة التناول لهما بحيث يكفيان في براءة الذمة عن الشغل اليقيني بعد الاغضاء عن أصل صلاحية العموم أو الاطلاق المفروض تخصيصهما لشمول الفرد المشتبه موضوعه أنه من أفراد العام الباقية أو من أفراد المخصص فلا ريب في حصول الشك في انعقاد مثل هذه الجماعة وجريان أحكامها عليها، فلا يجتزى بها، فتأمل جيدا، والله أعلم.
(ولو كان الإمام يلحن في قراءته لم يجز إمامته بمتقن على الأظهر) بل المشهور نقلا وتحصيلا، بل لا أجد فيه خلافا بين المتأخرين، لأصالة عدم سقوط القراءة، ونقصان صلاة الإمام عن صلاة المأموم، وفحوى الاجماعات السابقة في الأمي إن لم يدع شموله له بناء على أن اللاحن غير محسن للقراءة أيضا، لكن قد يناقش في الأول بانقطاعه باطلاق الأدلة الممنوع إرادة القراءة الصحيحة خاصة منه، لصدق اسم القراءة على الملحونة، خصوصا إذا لم يغير اللحن المعنى، وفي الثاني بما عرفته سابقا من عدم ثبوت الكلية السابقة من الأدلة، وفي الثالث بأنه قياس محض، ولعله لذا تردد في الحكم بعض متأخري المتأخرين، بل جوز في الوسيلة وعن المبسوط الائتمام في الفرض على كراهية لاطلاق الأدلة، بل وعن ظاهر السرائر أيضا ذلك، لكن إذا لم يغير اللحن المعنى، ولعله لخروجه عن اسم القراءة، معه بخلافه إذا لم يغير، إلا أن الانصاف تحقق