كلامه، فلاحظ وتأمل.
كما أني لا أجد فيه خلافا أيضا في النصوص المتعرضة لذكر هذه الصفات وإن اختلفت في غيره، إلا أنها اتفقت على تقديمه، ففي خبر أبي عبيدة (1) المتقدم سابقا عن الصادق عن النبي (عليهما الصلاة والسلام) (يتقدم القوم أقرأهم للقرآن، فإن كانوا في القراءة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا، فإن كانوا في السن سواء فليؤمهم أعلمهم بالسنة وأفقههم في الدين) الحديث. وفي المحكي عن فقه الرضا (عليه السلام) (2) (إن أولى الناس بالتقدم في الجماعة أقرأهم للقرآن، فإن كانوا في القراءة سواء فأفقههم، وإن كانوا في الفقه سواء فأقدمهم هجرة، وإن كانوا في الهجرة، سواء فأسنهم، فإن كانوا في السن سواء فأصبحهم وجها) وعن دعائم الاسلام (3) عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: (يؤم القوم أقدمهم هجرة، فإن استووا فأقرأهم، فإن استووا فأفقههم، فإن استووا فأكبرهم سنا) مؤيدا ذلك كله بمدخلية القراءة في الصلاة دون الفقه، إذ الظاهر إرادة معرفة غير أحكام الصلاة أو ما لا يشتد الحاجة إليه من أحكامها منه، لا ما يشمل معرفة غالب أفعالها، وإلا لم يكن القارئ صالحا للإمامة فضلا عن ترجيحه عليه.
لكن قد يشكل إطلاقهم ذلك - بعد الاغضاء عن أسانيد هذه الأخبار، وموافقتها لفتوى ابن سيرين والثوري وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي وابن المنذر، وعدم حجية الثاني منها عندنا، وتقديم الثالث منها الأقدم هجرة على الأقرأ مما هو مخالف للنصوص والفتاوى، كاشتمال الأول على ما يخالفهما أيضا من تأخير الفقه عن سائر الصفات، واحتمال تنزيلها على زمن النبي (صلى الله عليه وآله) مما كان أمر الفقه