وأتقى، عملا بالأخبار (1) الدالة على الأمر بتقديم صاحب هذه الصفات، فيكون ذلك حينئذ جمعا بين مراعاة حقهم بارجاع أمر الإمامة إليهم وبين ما دل على استحباب تقديم الأفضل والأكمل كقوله (صلى الله عليه وآله) (2): (من أم قوما وفيهم من هو أعلم منه لم يزل أمرهم إلى السفال إلى يوم القيامة) وغيره.
لكن الانصاف أن تحصيل ذلك من الأدلة على وجه معتبر لا يخلو من سماجة ومن هنا تردد في ظاهر المسالك والكفاية في أن الأفضل لهم الإذن أو المباشرة تبعا لما في الذكرى حيث قال: (لم أقف على نص يظهر منه أن الأفضل لهم الإذن للأكمل أو المباشرة للإمامة) بل قال: (إن ظاهر الأدلة يدل على أن الأفضل لهم المباشرة) ثم قال: (وعلى هذا فلو أذنوا فالأفضل للمأذون رد الإذن ليستقر الحق على أصله) ونحوه في المدارك والذخيرة وإن كان الذي يقوى في النظر في الجملة الأول.
ولا تسقط هذه الأولوية بعدم حضور صاحبها في أول الوقت ما لم يخف فوات الفضيلة، لاطلاق الأدلة، ودعوى أن الوارد في الأخيرين النهي عن التقدم الذي لا يصدق مع عدم الحضور بل والأحقية الواردة في الأول يدفعها - بعد وضوح منع آخرها - إرادة الصلاة في محله وجماعته من التقدم عليه لا صيرورته مأموما، وإلا فهو قد لا يأتم به، ومن هنا صرح في التذكرة والذكرى بانتظار الراتب في المسجد ومراجعته ليحضر أو يستنيب إلى أن يتضيق وقت الفضيلة، فيسقط اعتباره حينئذ كما في البيان والروض أيضا وعن غيرهما، لكن في الأخير نحو ما في الذكرى من أنه لو بعد منزله وخافوا فوت وقت الفضيلة قدموا من يختارونه، ولو حضر بعد صلاتهم استحب إعادتها معه، لما فيه من اتفاق القلوب مع تحصيل الاجتماع مرتين، ولا بأس به بناء على استحباب