الشخصين في إمامة الآخر به، ولعل ما في خبر أبي عبيدة منه لا أنه من التنازع في إمامة شخص كأن يريد زيد مثلا إمامة عمرو ويريد بكر إمامة خالد، إذ هذا أقصى ما يمكن تسليم اندراجه في التشاح، مع إمكان منعه وقصره على إرادة كل منهم الإمامة لنفسه، فتأمل.
وكيف كان فإن تساووا في هذه الصفات ففي الدروس والموجز وعن غيرهما القرعة ومن غير مراعاة مرجحات أخر، وفي التذكرة قدم أتقاهم وأورعهم على الأقوى لأنه أشرف في الدين، وأفضل وأقرب إلى الإصابة (الإجابة خ ل)، ثم أشرفهم نسبا وأعلاهم قدرا فإن استووا فالأقرب القرعة، لأنهم أقرعوا في الأذان في عهد الصحابة فالإمام أولى، واحتمل الشهيد تقديم الأورع على المراتب كلها بعد القراءة والفقه ولا بأس به لقوله (صلى الله عليه وآله) (1): (قدموا خياركم) وقوله عليه السلام (2):
(إن أئمتكم وافدكم) وغير ذلك مما لا يخفى.
بل قد يقال بعدم انحصار الترجيح بالمرجحات المنصوصة، بل إنما ذكرت تنبيها للمكلف وتعليما له على ملاحظة أمثال ذلك، وإلا فميزانه بيده، والصفات الراجحة شرعا غير خفية، كما أنه غير خفي مراتبها أيضا، ومع فرض التساوي في الجميع قد يقوى السقوط حينئذ، ويرجع إلى التخيير، إذ الظاهر أن القرعة للأمور المشكلة باعتبار الاشتباه الظاهري دون الواقع، وإلا فمع احتمال خلو الواقع كما في الفرض فلا، نعم قد يكون لها وجه عند تعارض أمر الترجيح عليه بالتعدد والاتحاد وغيرهما، ولعل عدم تعرض النصوص لعلاج نحو ذلك لسهولة أمر هذا الاختلاف، وعدم خوف الفتنة منه، وندرة التساوي من كل وجه، أو تصادم المرجحات كذلك.
والمراد بالورع كما في الذكرى العفة وحسن السيرة، وهو مرتبة وراء العدالة