أقل المجزي منه المورثة وساوس في صدور ذوي الديانات، بل لعل أقل من ذلك مناف للطف المراد منه بعد العبد عن المعصية وقربه إلى الطاعات الذي أوجبه على نفسه رب السماوات الرؤف الرحيم والعليم الحكيم، بل هو مؤد في الحقيقة إلى تضيع أعظم مصلحة حاله لأهون مصلحة فائتة، وصيرورة الأداء قضاء والحاضر فائتا، خصوصا في مثل وقت العشاءين بالنسبة إلى أغلب الناس سيما مثل النساء والضعفاء من الرجال، وأنى وسعة عقولهم لمثل هذه التكاليف، خصوصا فيما إذا لم يكن الفوات بعمد وتقصير إلى غير ذلك مما يقصر القلم عن إحصائه الذي ببعضه مع ملاحظة شدة كرم الخالق ورأفته وإتقانه وحكمته يحصل القطع لمن له أدنى نظر بعدم إلزامه بالأقل، سيما مع عدم ندرة هذا الفوات، بل هو الغالب في أكثر الناس سيما في أوائل البلوغ، فإن قصورهم أو تقصيرهم عن معرفة سائر ما يعتبر في العبادة سيما النساء منهم والأعوام من أكمل الواضحات.
فمن العجيب إنكار بعض المحدثين التأييد بهذا الاعتبار الواضح لذوي الأبصار حتى أنه شنع على مدعيه بما هو أولى به منه، وتخلص عن جملة مما سمعت بعدم قوله بحرمة الأضداد، لكن من المعلوم لديك أن البحث مع أئمة هذا القول وأساطينه كالسيد والحلي وغيرهما، وإلا فهو من الأتباع الذين لم نتعب منهم في رد اليراع، على أنه يكفي في حصول تلك المشقة والعسر اشتراط صحة الحاضرة بفعل الفائت أو التأخير إلى آخر الوقت، فلاحظ وتأمل.
وإلى الأخبار الخاصة الدالة على نفي تلك المضايقة ولوازمها السابقة من الترتيب وغيره من وجوه وإن تفاوتت في الظهور شدة وضعفا، فمنها - مضافا إلى ما سمعته من الواسطي بل والجعفي بل والمحكي عن أصل الحلبي المعروض (1) على الصادق (عليه السلام)