فرويدا لا يغرنكم، فإن شهوات الخلق مختلفة، فما أكثر من ينبو عن المال الحرام وإن كثر ويحمل نفسه على شوهاء قبيحة يأتي منها محرما، فإذا وجدتموه يعف عن ذلك فرويدا لا يغرنكم حتى تنظروا ما عقدة عقله، فما أكثر من ترك ذلك أجمع ثم لا يرجع إلى عقل متين، فيكون ما يفسده بجهله أكثر مما يصلحه بعقله، وإذا وجدتم عقله متينا فرويدا لا يغرنكم حتى تنظروا مع هواه يكون على عقله أو يكون مع عقله على هواه، وكيف محبته للرئاسات الباطلة وزهده فيها، فإن في الناس من خسر الدنيا والآخرة بترك الدنيا للدنيا، ويرى أن لذة الرئاسة الباطلة أفضل من لذة الأموال والنعم المباحة المحللة، فيترك ذلك أجمع طلبا للرئاسة - إلى أن قال -: ولكن الرجل كل الرجل نعم الرجل هو الذي جعل هواه تبعا لأمر الله، وقواه مبذولة في رضى الله، يرى الذل مع الحق أقرب إلى عز الأبد من العز في الباطل - إلى أن قال -: فذلكم الرجل نعم الرجل، فبه فتمسكوا، وبسنته فاقتدوا، وإلى ربكم به فتوسلوا، فإنه لا ترد له دعوة، ولا تخيب له طلبته) إلا أنه - مع كونه غير معلوم السند، ومرويا في غير الكتب الأربعة، ومحتملا للتعريض به إلى أناس خاصين كالأول والثاني وأصحابهما وقاصرا عن معارضة غيره من الأخبار المكتفية بحسن الظاهر حتى على مذهب الخصم - قال في الوسائل: إنه بيان لأعلى مراتب العدالة لا لأدناها، بل قال: إنه مخصوص بمن يؤخذ عنه العلم ويقتدى به في الأحكام الدينية، كما هو ظاهر، لا بإمام الجماعة والشاهد وهو جيد جدا.
بقي الكلام في منافيات المروة ففي الذخيرة والكفاية دعوى الشهرة على اعتبارها في عدالة الشاهد والإمام، بل عن الماحوزية نقل حكاية الاجماع على ذلك، وعن مجمع البرهان أنه احتمل الاجماع على اعتبارها في غير مستحق الزكاة والخمس، بل في الذخيرة أيضا وظاهر المفاتيح أن المشهور جعلها جزء في مفهوم العدالة، وكيف كان فلا أعرف