بخروجه من البول الذي يعارض به اليقين الأول يقع على وجهين ناقض وغيره، لأنه إن كان قبله حدث فالأول، وإلا فالثاني، والفرض أنه في المقام غير معلوم، لاحتمال تقدمه على الطهارة فلا يكون، حينئذ ناقضا واحتمال تأخره فيكون ناقضا فهو ممن تيقن الطهارة وشك في الحدث في الحقيقة، ويكون المراد بقولنا إنه تيقن الحدث سببه لا حكمه، فتأمل. لأنا نقول: إنا وإن قلنا الحدث بعد الحدث ليس حدثا، لكنه من المستحيل أن ينفك الحدث عن وجوده، لأنه إما أن يكون حاصلا به أو حاصلا قبله، فبخروج البول في أي وقت كان لا بد وأن يعلم وجود الحدث، وبه يعارض يقين الطهارة، إلا أن هذا وإن كان أقصى ما يجاب به عن ذلك، لكنه لا يخلو من تأمل، لأنه في الحقيقة من قبيل استصحاب الجنس، فلا يعارض يقين الطهارة، ومن هنا كان هذا القول لا يخلو من قوة على بعض الوجوه، بخلاف ما ذكره العلامة في جملة من كتبه من تقييد ما سمعته من إطلاق الأصحاب بما إذا لم يعلم حالته السابقة، فيؤخذ بموافقتها، إن طهارة فطهارة، وإن حدثا فحدث، وقد يظهر منه في بعضها أن وجه ذلك بسقوط حكم اليقينين لتساويهما، فيستصحب الأول، وفيه ما لا يخفى من انقطاع الأول قطعا، فلا معنى لاستصحابه.
وقال في المختلف بعد ذكر الاطلاق المتقدم: ونحن قد فصلنا ذلك في أكثر كتبنا، وقلنا إن كان في الزمان السابق على اليقين محدثا فهو الآن محدث، وكذا الطهارة، ومثاله أنه إذا تيقن عند الزوال أنه نقض طهارة وتوضأ عن حدث وشك في السابق فإنه يستصحب حال السابق على الزوال، فإن كان طهارة فهو على طهارته، لأنه تيقن أنه نقض تلك الطهارة ثم توضأ ولا يمكن أن يتوضأ عن حدث مع بقاء تلك الطهارة، ونقض الطهارة الثانية مشكوك فيه، فلا يزول عن اليقين بالشك، وإن كان حدثا فهو الآن محدث، لأنه تيقن أنه انتقل عنه إلى طهارة ثم نقضها، والطهارة بعد نقضها مشكوك