الأصحاب والصحاح، بل يستفاد من إطلاق كثير من الأخبار (1) كما لا يخفى على من لاحظ باب استحباب نية الخير والعزم عليه، وباب كراهية نية الشر من كتاب وسائل الشيعة، والمراد بالعزم الإرادة المتقدمة على الفعل سواء حصل قبلها تردد أولا، فما ينقل عن المتكلمين من الفرق بينه وبين النية بذلك غير واضح الوجه، كالفرق بين النية ومطلق الإرادة بالمقارنة وعدمها، وحاصل ما نقل عنهم أن الإرادة إما أن تكون مسبوقة بتردد أولا، فالأولى العزم، والثانية إما أن تكون مقارنة أولا، فالأولى النية، والثانية إرادة بقول مطلق، وهو كما ترى. نعم لا يبعد دعوى اشتراك لفظ النية بين الإرادة المتقدمة التي تسمى بالعزم، كما هو ظاهر ما عن الجوهري، ويؤيده ملاحظة كثير من الاستعمالات، وبين الإرادة المقارنة المؤثرة في وقوع الفعل، مع احتمال دعوى الحقيقة في الثانية خاصة.
وكيف كان لا نعرف لها معنى جديدا شرعيا، نعم ربما وقع في لسان بعض المتشرعة إطلاقها على الإرادة مع القربة، بل هو مدار قولهم النية شرط في العبادات دون المعاملات، ومنه اشتبه بعض متأخري المتأخرين، فادعى أن لها معنى جديدا، وهو واضح الفساد كما لا يخفى على من لاحظ كلمات الأصحاب في معناها وإطلاقها واستعمالاتهم وغير ذلك، فلا حاجة للإطالة، نعم لما لم يكتفوا بمطلق القصد في صحة العبادة بل كان المعتبر قصدا خاصا على ما ستعرف جعلوا ذلك كله من متعلقات النية ولذا تراهم بعد ذكرها يذكرون كيفيتها، فيشتبه على غير المتأمل أنه معناها عندهم، وظهر لك مما تقدم من معنى النية أنها من الأفعال القلبية التي ليس للنطق فيها مدخلية كما صرح بذلك جماعة من الأصحاب، منهم الشيخ في الخلاف والمصنف والعلامة والشهيدان وغيرهم، ومن هنا اعترض على المصنف باستدراك قوله (تفعل بالقلب) بعد ذكره أنها إرادة، وربما أجيب عنه أنه جئ به لاخراج إرادة الله عن مسمى النية، لمكان