في المختلف أي عاقل يفرق بين كونه متصلا ومنفصلا، وللاجتزاء به بالنسبة إلى الأشخاص وكذا بعد غسله على الأقوى، ولظهور الحكمة من القصد في الاستنجاء الإزالة، وللاجتزاء بالخرقة المستطيلة جدا، كما قطع به بعض من لا يجتزي بذي الشعب وخبر المسحات ونحو ذلك من الأشياء المفيدة للظن ببقائه على مقتضى الاطلاق، لا أقل من حصول الشك للفقيه بالاحتراز عن مثل هذا الفرد بقوله ثلاثة أحجار، على أنا نرى أن السيد إذا قال لعبده امسح هذا بثلاثة أحجار فمسحه بحجر واحد من ثلاث جهات يعدونه ممتثلا، لا لأن اللفظ شامل له حقيقة، بل للقطع بأن مقصود السيد من المسح بثلاثة أحجار إنما هو المسح بثلاثة مما يمسح به من الحجر، فتأمل جيدا.
على أن الذي يستفاد منه عدم الاجتزاء بذي الشعب من قوله ثلاثة أحجار إنما هو لفظ الأحجار لا الثلاثة، فإنه لو قال بثلاثة أشياء أو أجسام أو نحو ذلك لشمله، وقد عرفت أنهما من باب المثال، للاجماع المنقول على الاجتزاء بكل جسم مزيل للعين، وما عساه يقال: إن مثاليتها إنما هو بالنسبة للحجرية دون ما يفهم منها من كونه قطعا متمايزة فيه أن الظاهر بعد فرض كونها مثالا لسائر الأجسام لا ظهور فيها بإرادة كونها قطعا متعددة كما لا يخفى، وإن شئت فافرض صدور هذا الاستعمال منك بعد إرادتك بالأحجار مثالا لمطلق الأجسام، أترى أنه يخطر لك ببال خروج ذي الشعب عنه، كلا إن دعوى ذلك مكابرة، وأيضا قد يقال: إن ما ادعوه سابقا من الاجماع على الاجتزاء بكل جسم يشمل ما نحن فيه، بل قد عرفت ما في أخبار التثليث من الضعف في الدلالة المحتاج إلى الجابر وهو بهذا المعنى مفقود، وما ادعاه بعض متأخري المتأخرين من دعوى الشهرة على عدم الاجتزاء بذي الشعب لا يخلو من مناقشة، ولعله أخذه من التعبير للبعض بالثلاثة أحجار، وهو مع تسليمه لا يبلغ حد الشهرة، وكيف كان فلا يخلو القول بالاجتزاء بذي الشعب بناء على القول بالتثليث من قوة، كما أنه لا يخفى عليك ما يظهر من ملاحظة كلامهم هنا، وفي مسألة التوزيع وفي مسألة الاجتزاء بكل جسم من التأييد لما قد تقدم