المفيد (1) قال: " دخل الرضا (عليه السلام) يوما والمأمون يتوضأ للصلاة والغلام يصب على يده الماء فقال: لا تشرك يا أمير المؤمنين بعبادة ربك أحدا، فصرف المأمون الغلام وتولى تمام الوضوء بنفسه " وبهذا الخبر مع سابقيه وما في بعض الأخبار من الصب على يد الإمام يظهر أن ذلك مكروه، لعدم الأمر بالإعادة في الأخير، وقوله (عليه السلام):
(لا أحب) في السابقين، وعليه ينزل ما عساه يظهر من الحرمة في رواية الوشا، ولمكان اشتراكها مع غيرها في الاستدلال بالآية الظاهر مما عداها أنها في مقدمات الوضوء فهم الأصحاب منها أن المراد الاستعانة لا التولية المحرمة وإن استظهره منها في الحدائق وجعلها دليلا عليه كما تقدم، وكان مراد المصنف وغيره بالاستعانة مطلق المعاونة في الوضوء سواء كان طالبا لذلك أو لا، فلا ينافي ما ظهر من رواية الوشا وغيره من كراهة ذلك وإن لم يكن الاستعانة من الإمام (عليه السلام)، فما يقال من الجمع بين ما دل على كراهة الاستعانة وبين ما دل على وقوعه من الإمام كما في رواية الحذاء المشتملة على توضئة الباقر (عليه السلام) بحمل الأولى على طلب الإعانة، والثانية على قبولها من دون طلب فيه ما لا يخفى، لمنافاته لظاهر ما سمعته من الأدلة هنا، بل الأولى حملها على إرادة بيان الجواز ونحوه.
ثم إن المدار في الكراهة على صدق اسم المعاونة عرفا، لمكان تعليق الحكم عليها في كلام الأصحاب، وهو كاف في تحقق الكراهة وإن قلنا أنها أعم من الشركة المذكورة في الروايات، وكيف كان فالظاهر عدم تحققهما معا بالنسبة للمقدمات البعيدة التي هي من قبيل المعدات، فلا كراهة في إباحة أو دلالة أو تخلية أو حمل آلة أو وضع في آنية أو حملها قبل التشاغل ونحو ذلك، نعم هي متحققة في مثل الصب في اليد، والصب على العضو مع تولي المكلف الاجراء ورفع الثياب مثلا عن أعضاء الوضوء ورفع اليد الغاسلة أو الماسحة ونحو ذلك، وأما مثل استدعاء الماء للوضوء ففيه وجهان، ولعل