برجل ضرب فذهب بعض كلامه وبقي بعض كلامه فجعل ديته على حروف المعجم كلها، ثم قال: تكلم بالمعجم فما نقص من كلامه فبحساب ذلك، والمعجم ثمانية وعشرون حرفا فجعل ثمانية وعشرون جزء فما نقص من ذلك فبحساب ذلك (1).
فالأصح ما ذكره من عدم دليل بذلك من نص ولا رواية، والذي يقتضيه النظر ويعضده الأصول وجوب دية للذاهب من جرم اللسان بالمساحة والأخرى للذاهب من الحروف بالنسبة.
ويحتمله ما عن الحلبي (2) والإصباح (3) وفي الغنية (4) من أنه إذا قطع بعض اللسان ففيه بحساب الواجب في جميعه ويقاس بالميل، وإذا ذهب بعض اللسان يعنون الكلام اعتبر بحروف المعجم.
لكن يحتمل إرادتهم بذلك الاعتبار بالمساحة إن لم يذهب من الكلام شئ، أو ذهب منه أقل من مساحة اللسان بالنسبة إلى الدية، كأن ذهب منه ربعه ومن اللسان نصفه، فيؤخذ من الدية بنسبته دون الكلام، والاحتمال الأول أوفق بالأصول، لكن القائل به من الأصحاب غير معلوم، لإطباقهم ظاهرا على تداخل الديتين مطلقا، حتى ما لو تفاوت نسبة كل منهما إلى الدية الكاملة بأن كان إحداهما بالربع والأخرى بالنصف أو بالعكس، لكن اختلفوا في أخذ الزيادة عن القدر المتداخل فيه مطلقا، كما عليه المبسوط (5) نافيا الخلاف عنه، وحكى في المختلف عن الحلبي أيضا (6)، أو إذا كانت الزيادة للمنفعة خاصة.