وبالجملة: المادة الأولى هي الحصة المتبدلة إلى فعلية وصورة، ومنها إلى فعلية وصورة أخرى، إلى أن تصل إلى صورة وفعلية لا تكون فوقها صورة، وهي جامعة لجميع فعليات المراتب الأولية على نعت الجمعية والبساطة. فالإنسان هو الموجود الفعلي الذي تبدل إليه الهيولى الأولى.
فحكاية الإنسان على ما هو عليه إنما يكون بحكاية الهيولى المتبدلة إلى الصورة الإنسانية. والحاكية عن هذه هو الفصل التام - الذي عبارة عن الناطق - فإنه الذي يحكي عن اتحاد المادة المبهمة مع الصورة والهيولى المتحصلة بصورة الناطقية.
فالذات المبهمة أخذت على نحو الوحدة مع العنوان في المشتق، وواضح أن هذا إنما يكون إذا كان المشتق هو المعنى المبهم القابل للانحلال، لا الماهية اللا بشرط؛ فإنها لا تحكي الواقع على ما هو عليه؛ بداهة عدم حكايتها عن اتحاد الهيولى مع الصورة، تدبر جيدا.
ثم إنه أضف إلى ما ذكرنا كله: أن الحق - كما عليه المحققون وثبت في محله - أن الناطق - سواء أريد منه المتكلم أو المدرك للكليات - لا يصح أن يكون حدا وفصلا مميزا للإنسان (1).
هذا كله بالنسبة إلى الشق الأول من كلامه؛ وهو لزوم أخذ العرض العام في الفصل على تقدير أخذ مفهوم الشيء في المشتق.
وأما بالنسبة إلى الشق الثاني من كلامه؛ من انقلاب القضية الممكنة إلى الضرورية على تقدير أخذ ما صدق عليه الشيء في المشتق.
ففيه أولا: كما أشرنا أنه لا يلزم من ذلك انقلاب مادة الإمكان إلى الضرورة في الواقع ونفس الأمر، بل غايته كونه خلاف المتبادر منه.
وثانيا: أنه لا يكون ذلك على تقديره إشكالا عقليا في المسألة - كما هو المدعى - بل خلاف التبادر.