يكون لفظ الأمر موضوعا لمعنى تكون مصاديقه: " اضرب " و " أكرم " و " انصر " وهكذا.
فالطلب والبعث والإرادة المظهرة وغير ذلك لم يكن أمرا، بل هي إما من مقدمات الأمر، أو مظهراته، أو لواحقه.
فما يتبادر من مادة الأمر هو الجامع المنتزع، كما أن لفظة هيئة الأمر جامع بين هيئات اضرب وأكرم ونحوهما. ولفظة الهيئة جامع بين هيئات ضرب ويضرب وضارب وهكذا.
وبالجملة: المتبادر من مادة الأمر هي الحصة من الشيء.
فتحصل: أن المتبادر من مادة الأمر هو الجامع الانتزاعي من هيئات صيغ الأمر بما لها من المعاني، لا نفس تلك الهيئات ولو استعملت لغوا أو في غير معانيها.
فإذا كان مفهوم الأمر معنى اسميا انتزاعيا من المعاني الحرفية الحدثية فله معنى اشتقاقي يصح الاشتقاق منه. كما أن للفظة القول واللفظ معنى اسميا، ومع ذلك صح الاشتقاق منه بلحاظ المعنى الحدثي.
هذا كله بحسب معنى الأمر لغة.
ولا يبعد أن يكون معناه الاصطلاحي أيضا هو هذا؛ وذلك لأن معناه الاصطلاحي هو الطلب بالصيغة؛ فيصح الاشتقاق منه بلحاظ كونه حدثا صادرا عن المتكلم.
فظهر: أن وزان الأمر وزان اللفظ والقول؛ فكما أن لهما معنى اسميا، ومع ذلك صح الاشتقاق منهما بلحاظ المعنى الحدثي، فكذلك الأمر يصح الاشتقاق منه بلحاظ معناه الحدثي، ولو كان معنى اسميا.
ولا يخفى: أن قوله: " آمرك بكذا... " يستعمل تارة في الجامع الانتزاعي حين إظهار الطلب الحقيقي بأحد الأدوات - من قول أو فعل - وأخرى في مقام إنشاء