إلا لاعتقادهم بكون مدلول هذه العناوين هو المتلبس بالمبدأ الذي اشتقت منه (1).
وفيه: أنه إن أراد بذلك: أنه حيث يكون المنسبق من عنوان " القائم " مثلا المتلبس بالقيام الفعلي، وكذا من عنوان " القاعد " المتلبس بالقعود فعلا، يفهم العرف التضاد بينهما. وإن لم يفهم منهما المتلبس بالقيام أو القعود الفعلي لم يكن بينهما تضاد؛ لأن التضاد في كيفية القيام والقعود الواقعيين، فهو خارج عن مسألة المشتق.
وإن أراد: أن المشتقات الحاكية عن تلك الكيفيات بحسب ارتكاز العرف والعقلاء يكون بينهما تضاد؛ بحيث لو أخبر أحد بأن زيدا قائم في وقت، وشخص آخر بأنه قاعد في ذاك الوقت يكون إخبارا بالضدين، فكلام صحيح لا غبار عليه.
لكنه تمسك بالتبادر لا بشيء آخر؛ لأنه حيث يتبادر من " القائم " من له القيام، ومن " القاعد " من له القعود، لذلك يكون بينهما تضاد، وإلا فلا.
الوجه الثاني إن صحة انتزاع عنوان عن موضوع، وصحة حمله وجريه عليه لابد وأن يكون لخصوصية وحيثية موجودة في الموضوع، وإلا لصح انتزاع كل عنوان ومفهوم من كل موضوع، وحمل كل عنوان ومفهوم على كل شئ، وهو خلاف الضرورة.
فمدعي كون المشتق موضوعا للأعم: إما ينكر أن انتزاع عنوان من موضوع وحمله عليه لا يحتاج إلى حيثية وخصوصية، وقد عرفت كونه مخالفا للضرورة. أو يقول: إنه يكفي في الانتزاع والجري في الأمور الاعتبارية مجرد صدق الحيثية والخصوصية - وإن لم يكن باقيا - وهو أيضا خلاف الضرورة.