بها وسقطت مطلقا، أو لا لذلك، أو يفصل؟
فنقول: الحق فيها التفصيل بين ما لو كان الإتيان علة تامة لحصول الغرض فلا يجوز، وبين ما لم يكن كذلك فيجوز.
ووجهه واضح؛ لأنه إذا كان الإتيان علة تامة لحصول الغرض فبعد حصوله لا معنى لتحصيله ثانيا، ولا يكون ذلك امتثالا وإطاعة، بل ربما يعد إتيان الثاني مبغوضا للمولى، مثل ما إذا كان العبد مأمورا بإعطاء ألف دينار، فلو لم يكتف بذلك وأعطاه ألفا آخر لتضرر المولى بذلك ولا يرضى به (1)، وهذا واضح.
وأما إذا لم يكن الإتيان علة تامة لحصول الغرض - إن كان علة لسقوط الأمر - فيجوز له ذلك؛ وذلك لأنه إذا أتى العبد بمصداق من الطبيعة؛ بأن أتى مولاه بقدح من الماء، فقبل أن يشربه المولى له تبديل ذلك القدح بقدح زجاجي، بل يعد فعله ذلك حسنا، من دون احتياج في ذلك إلى وجود الأمر.
بل إذا علم العبد أن للمولى غرض لازم الاستيفاء، كأن غرق ولد عزيز لمولاه، فيجب على العبد إنقاذه وإن لم يأمر مولاه؛ بأن كان غافلا أو نائما أو غايبا.
بل إذا نهاه المولى عن إنقاذ الغريق بتوهم أن الغريق عدوه، يجب على العبد مخالفته وإنقاذ ولده.
وبالجملة: لم يكن للأمر موضوعية ولم يكن ملحوظا برأسه، بل هو طريق يتوصل به إلى الأغراض والمصالح؛ ولذا لو أمكن للمولى طريق آخر يتوصل به إلى غرضه لتشبث به أيضا؛ حتى في التعبديات.
والحاصل: أنه إذا لم يكن الإتيان بالمأمور به علة تامة لحصول الغرض فالعقل يحكم بجواز إتيان مصداق آخر أوفى، لا من باب تبديل الامتثال، بل من باب تحصيل الغرض، فتدبر.