الأمر الأول: أنه - مع ذلك - لا يكون البحث في هذه المسألة تتمة لذلك البحث؛ لأنه (قدس سره) قال في هذه المسألة - أعني مسألة المرة والتكرار - مستندا على إجماع السكاكي وغيره: إن النزاع إنما هو في الهيئة، كما تقدم تفصيله.
ولكن قال في تلك المسألة: إن لصيغة الأمر جزءين: جزءا صوريا، وجزءا ماديا. واختلف في الجزء المادي: أنه يدل على الطبيعة أو الفرد. وأما الجزء الصوري - وهي الهيئة فتدل على طلب الإيجاد (1).
فإذن: كان محل النزاع هنا في الجزء الصوري، وأما هناك ففي الجزء المادي، فكيف يكون البحث في إحدى المسألتين تتمة للبحث عن الأخرى؟!
ومجرد اتحاد المادة مع الصورة لا يوجب كون البحث في إحداهما تتمة للأخرى كما لا يخفى، فتدبر واغتنم.
والأمر الثاني: أن إجماع السكاكي وغيره على أن المصدر المجرد من اللام والتنوين لو كان كاشفا عن كون النزاع في الهيئة في هذه المسألة فكيف لم يكن كاشفا في مسألة تعلق الأمر بالطبيعة أو الفرد؟ ولم يعلم فرق بين المسألتين في ذلك.
نعم، يمكن أن يقال: إنه لا معنى للنزاع في الهيئة في أنها تدل على نفس الطبيعة، أو على الفرد منها.
والذي يمكن أن ينازع فيه هو المادة؛ فلا يمكن تتميم تلك المسألة بإجماع السكاكي وغيره.
لكن إذا تم إجماع السكاكي هنا فلابد وأن يقال هناك: إنه لم تكن في المسألة خلاف؛ أما في مادته فلإجماع السكاكي، وأما في هيئته فلأنها ليست إلا لطلب الإيجاد، فتدبر.