فربما يتصور نفس الموضوع والماهية مطلقة؛ لوجود الملاك والمصلحة فيها، وقد يتصورها مقيدة بقيد أو قيود. فسعة المتعلق وضيقه مسبوقة بكيفية لحاظ اللاحظ والمقنن؛ فإن لاحظها مطلقة تكون وسيعة، وإن لاحظها مقيدة يكون مضيقا.
ولا يكاد يمكن - حينئذ - أن يدعو إلى نفس الطبيعة مجردة، بل إليها مقيدة، وهو واضح.
وبالجملة: قبل الأمر والإيجاد الاعتباري لابد وأن يتصور ويلاحظ الموضوع، فإن كان الملحوظ نفس الطبيعة القابلة للتكثر فالبعث لا يكاد يدعو إلا إليها، ولا يكون المأمور به والمتعلق مقيدا؛ لا لحاظا ولا لبا.
وإن كان الملحوظ الطبيعة المقيدة فالبعث يدعو إليها مقيدة.
فإذا كان كل من الطبيعة المطلقة أو المقيدة بقصد الأمر وبلحاظ اللاحظ والمقنن فإذا كان في مقام بيان جميع ما له دخل في متعلقه، ومع ذلك لم يقيد الطبيعة بقيد فيعلم من ذلك عدم دخل القيد في المتعلق، بل هو باق على اتساعه الذاتي.
ومن هنا يظهر لك: النظر فيما رتب (قدس سره) على اتحاد حكمي التكوين والتشريع؛ من عدم جواز تخلف المعلول الشرعي عن علته الشرعية؛ ضرورة جواز تعلق الإرادة التشريعي بأمر استقبالي، كما يتعلق بأمر حالي، بخلاف العلة التكويني؛ فإنه لا يجوز التخلف.
فعلى هذا: لا مجال لاستفادة الفورية من البعث، وكذا من عدم جواز تكثر المعلول مع وحدة علته التشريعية، كما في العلل التكوينية؛ إذ من الجائز تعلق الإرادة الواحدة بأكثر من أمر واحد، بل ربما يتعلق بأمور كثيرة، كما لا يخفى.
ولتوضيح المقال نقول: ليس الأمر كما زعمه (قدس سره) في العلل التكويني؛ لأن المعلول التكويني قبل الإفاضة والتأثر لا يكون مضيقا كما لا يكون مقيدا، بل