أما المنوب عنه؛ فلأنه لم يكن مأمورا بهذه العبادة مباشرة وتسببا؛ لتكون استنابته أو استنابة وكيله أو وصيه تسبيبا منه إلى فعله.
وأما النائب؛ فلأنه ليس مأمورا بهذه العبادة نيابة عن غيره؛ ليكون الأمر مصححا لعباديتها، ولا أن الفعل محبوب للمولى، أو ذو مصلحة ترجع إليه؛ ليتسنى له إتيانه بها بداعي المحبوبية أو المصلحة، انتهى محررا (1).
وفيه: أن هذا المحقق كأنه خلط باب النيابة بباب التسبيب والمباشرة، مع وجود الفرق بينهما؛ لأن باب النيابة في اعتبار العقلاء هو تنزيل النائب نفسه منزلة المنوب عنه.
فالنائب بعد التنزيل هو المنوب عنه، والأفعال الصادرة عنه بعد التنزيل أفعال المنوب عنه بحسب الاعتبار؛ ولذا يعتبر في فعل النائب ما اعتبر في فعل المنوب عنه بالنسبة إلى أحكام مخصوصة، كالقصر والتمام والظهرية والعصرية وغيرها.
ولذا ذهب بعض الأكابر (2) - دام ظله - إلى عدم جواز الايتمام بمن يكون نائبا عن الميت؛ زاعما أن الاقتداء لابد وأن يكون بالحي، والنائب عن الميت بحسب الاعتبار يكون ميتا، فلا يصح الايتمام به (3).
ونحن وإن لم نساعده في هذه المسألة؛ لعدم توسعة دائرة النيابة عند العقلاء بنحو يرون النائب ميتا، كما لا يخفى.
وبالجملة: العقلاء يرون النائب اعتبارا هو المنوب عنه، ولا يكون النائب بما هو نائب مأمورا به أصلا، بل المأمور هو المنوب عنه. فإذن النائب عمن كان مستطيعا واستقر عليه الحج ولم يحج لم يكن