التقريب الثاني:
وليعلم: أن ما قرره مقرره - دام بقاءه - غير ما ذكره المحقق العراقي (قدس سره) في " مقالاته "، وإن كان قريبا منه:
أما ما ذكر في تقرير بحثه فحاصله: أن كل أحد إذا طلب من غيره أمرا فغرضه هو حصوله في الخارج وتحققه، فلابد وأن يكون طلبه إياه في حد ذاته لا قصور فيه في مقام التوسل إلى إيجاده.
وليس ذلك إلا الطلب الإلزامي الموجب فعله الثواب وتؤكد استحقاق العقاب. وأما الطلب الاستحبابي فلا يصلح لذلك، وإنما يصلح مجرد الثواب لفعله.
ولو كان هناك ما يقتضي قصوره عن التأثير التام في وجوب المطلوب - ولو لقصور المصلحة أو لمانع يوجب قصورها عرضا - لوجب عليه أن يطلبه بتلك المرتبة؛ فإن أشار إليها في مقام البيان فهو، وإلا فقد أخل في بيان ما يحصل به غرضه.
فعليه: يكون إطلاق الأمر دليلا على طلبه الذي يتوسل به الطالب إلى إيجاد مطلوبه بلا تسامح فيه، وليس هو إلا الطلب الوجوبي (1).
وأما الذي ذكره المحقق العراقي (قدس سره) في " المقالات " فهو أسلم مما ذكر في تقرير بحثه؛ لأنه قال: يكفي لإثبات الوجوب ظهور إطلاقه في كونه في مقام حفظ المطلوب، ولو بكونه حافظا لمبادئ اختياره من جهة إحداثه الداعي على فرار العقاب أيضا.
بخلاف الاستحبابي فإنه لمحض إحداث الداعي على تحصل الثواب؛ فلا يوجب مثله حفظ مبادئ اختيار العبد للإيجاد بمقدار ما يقتضيه الطلب الوجوبي؛ ولذا يكون في مقام الوجود أنقص.
فإطلاق الحافظية يقتضي حمله على ما يكون حافظيته أشمل (2).