الصيغة مستعملة فيه، ولا عقلا، ولا بانتزاع معنى من الإرادة الإلزامية - أي حتمية الإرادة - ولا من غيرها.
لما أشرنا أن الإرادة من مبادئ الطلب والبعث تكون الصيغة دالة عليها، وحتمية الإرادة متأخرة عن الاستعمال، وعرفت: أن مقدمات الحكمة لم تتم في المقام، ولو تمت تفيد غير ما عليه المحقق العراقي (قدس سره) وغيره؛ لأن غاية ما تقضيه المقدمات: هي أن المولى إذا كان في مقام بيان أمره ولم يقيده بقيد يستكشف منه أن الشيء من حيث هو مراده، ففيما نحن فيه لو جرت المقدمات فيمكن استكشاف إرادة الجامع بين الإرادتين عند إطلاق الصيغة، لا الإرادة الحتمية.
ولكن عرفت: أنه لم يكن لنا في الواقع ونفس الأمر بعنوان الجامع بين الإرادتين شئ؛ لأن الذي هناك إما إرادة وجوبية أو ندبية، وكل منهما غير الأخرى.
نعم مفهوم الإرادة مشترك بينهما.
وواضح: أنه لم تكن حقيقة الإرادة وواقعها الجامعة بين الإرادتين موجودة في الخارج، فلا يمكن احتجاج العبد على مولاه أو بالعكس في إرادة الجامع.
والذي يمكن أن يقال ويقتضيه العقل والعقلاء - ولعله مراد الأعلام، كالنائيني والعراقي والحائري وغيرهم (قدس سرهم)، وإن كانت عباراتهم غير خالية عن الإشكال والنظر، كما أشرنا - هو أن الأوامر الصادرة من المولى واجب الإطاعة، وليس للعبد الاعتذار باحتمال كونه ناشئا من المصلحة غير الملزمة والإرادة غير الحتمية. ولا يكون ذلك لدلالة لفظية أو انصراف أو مقدمات الحكمة.
وبعبارة أخرى: استقرت ديدن العقلاء فيما إذا أمر المولى عبده بصيغة الأمر كما إذا أشار إليه باليد على لزوم امتثاله؛ ولا يرونه معذورا في تركه، بل يوبخونه ما لم يرد فيه ترخيص.
فنفي صدور البعث والإغراء من المولى - بأي دال كان - موضوع حكمهم