ورابعا: نقطع بعدم وجود الجامع بين الإرادتين في متن الواقع؛ لأن ما فيه إما إرادة وجوبية أو إرادة ندبية؛ بداهة أن صيغة الأمر بعث وإغراء خارجي، نظير إشارة الأخرس، فهو إما بعث وجوبي أو ندبي، ولا معنى لوجود الجامع بين الإرادتين، والجامع إنما هو في الماهيات والمفاهيم.
فعلى هذا: تسقط مقدمات الحكمة؛ لأن مقتضاها أمر نقطع بعدمه في الخارج.
وخامسا: أنه يتوجه عليه إشكال آخر، ولعله عبارة أخرى عما ذكرنا، حاصله: أنه لو سلم أن ما به الامتياز في الإرادة الوجوبية عين ما به الاشتراك - بخلاف الإرادة الندبية؛ فإنها غيره - فإنما هو في الواقع ونفس الأمر، ولكن لا يوجب ذلك عدم احتياج إفهام الإرادة الوجوبية إلى البيان في مقام المعرفية، بل كل منهما في مقام المعرفية يحتاج إلى البيان، ألا ترى أنه تعالى وجود صرف لا يشوبه نقص أصلا، وغيره تعالى وجود ناقص، ومع ذلك إذا أريد بيان أحدهما فيحتاج إلى البيان، فتدبر.
وسادسا: أن قوله: إن ما به الامتياز في الإرادة الوجوبية عين ما به الاشتراك دون الإرادة الندبية، لا يرجع إلى محصل؛ لأن مورد قولهم بعينية ما به الامتياز مع ما به الاشتراك إنما هو فيما لم يكن هناك تركب، وفي الحقائق كالنور، فكما أن امتياز النور القوي عن النور الضعيف بنفس ذاته، فكذلك امتياز نور الضعيف عن النور القوي بنفس ذاته؛ فالنور - مثلا - موجود وحقيقة ذات مراتب تمتاز كل مرتبة منه عن المرتبة الأخرى.
فعلى هذا: لو كان ما به الامتياز في الإرادة الوجوبية عين ما به الامتياز فليكن كذلك في الإرادة الندبية، فلا وجه للتفصيل، فتدبر واغتنم.
هذا كله في تقريبه الأول.