والظاهر: أنه (قدس سره) غفل عن هذا المعنى، وإلا كان تصديقه لما ذكرنا قطعيا؛ لانشراح صدره وجودة فكره.
وثانيا: إن أراد بقوله: إن الإنشائيات موضوعة للحكاية عن حقائق موجودة في النفس - حكاية اللازم عن ملزومه - فلا غبار عليه.
وإن أراد حكاية اللفظ الدال على المعنى الموضوع له عنه ففيه: أن الذي يفهم العرف من هيئة الأمر - مثلا - إنما هو البعث الاعتباري لا الإرادة الموجودة في النفس.
وبالجملة: فرق بين كشف اللازم عن ملزومه، وبين كشف اللفظ الموضوع عن معناه الموضوع له، والكلام إنما في الثاني. وغاية ما يساعد عليه العرف فيما أفاده إنما هو في الأول، فتدبر.
وثالثا: أن ما ذكره أخيرا في قصد الإقامة نظر وجيه؛ لأن قصد إقامة عشرة أيام لا يمكن تحققه إلا مع الجزم ببقاء عشرة أيام في مكان، ولا يتمشى منه قصد إقامة عشرة أيام مع عدم الجزم بالبقاء، فضلا عن الجزم بالعدم، هذا.
مضافا إلى أنه لو صح منه ذلك لا يكون الإتمام من آثار نفس قصد الإقامة، وإلا لابد وأن يتم صلاته لمن قصد إقامة عشرة أيام في بلد، مع علمه بعدم توقفه هناك إلا يوم واحد، وهو كما ترى.
كما أنه لم يترتب الإتمام على نفس بقائه في ذلك البلد من دون قصد الإقامة فيه، بل الإتمام من آثار القصد وإقامة عشرة أيام في محل كليهما.
نعم، إقامة العشرة تارة تكون مقصودة بالذات، وأخرى لا تكون كذلك، بل للتوصل إلى أمر آخر، كأن يقصد إقامة عشرة أيام للتوصل إلى درك أفضل فردي الصلاة؛ وهي الصلاة التمام. ولكن لا فرق بينهما في إيجاب القصد شيئا في الموارد، غايته يكون القصد في أحدهما ذاتي دون الآخر، فتدبر.