وأما إشكاله الثاني - الذي لم يتفص عنه - فحاصله: أن مفهوم مادة الأمر منتزع عن إبراز الطلب، فلا محالة يكون هذا المفهوم في عالم التصور حاكيا وطريقا إلى الإبراز، ومعه يستحيل أن يكون واسطة لثبوته؛ ضرورة أن مرجع الطريقية إلى كونها من وسائط إثباته؛ بحيث يرى المحكي عنه مفروغ الثبوت. وفي هذا النظر يستحيل توجه النفس إلى إثباته بهذه المادة المستعملة في معناها.
وحينئذ: لو أريد إظهار الطلب بهذه المادة فلا محيص من تجريد المعنى عن قيد الإبراز، فيراد منه حينئذ صرف الطلب. وإنما يراد منه الطلب بقيد الإبراز عند الإخبار بهذه المادة عن إظهار الطلب بمظهر آخر (1)، انتهى.
وفيه أولا: أن الوجدان أصدق شاهد بأن قولك " آمرك بكذا... " في صورة إنشاء الطلب به مثل قولك ذلك في صورة إخبارك عن إظهار الطلب بمظهر آخر في أنه لا يكون فيه مجازية وتجريد، ولا ينقدح المجازية في الذهن أصلا.
ومن هنا صح أن نتخذ ذلك سندا ودليلا على مقالته، ونقول: إن معنى مادة " أمر " لم تكن الإرادة المظهرة بالوجدان، فتدبر.
وثانيا: أنه لو كان معنى مادة الأمر منتزعا عن إبراز الإرادة والطلب فغاية ما هناك هي حكاية مادة الأمر عن مفهوم إبراز الإرادة، وواضح أن ذلك لا ينافي إيجاد مصداق منه من نفس " آمرك بكذا... ".