وفيه أولا: أن غاية ما يقتضيه وضع اللفظ لمعنى هو جعل اللفظ قبال المعنى وعلامة له، ولم يكن هناك من الملازمة عين ولا أثر.
وثانيا: أنه لو سلم ذلك، وأن الواضع بوضعه اللفظ للمعنى يوقع ملازمة ذهنية بينهما فنقول: مرادكم بعدم إمكان حضور المعنيين إن كان عدم إمكان تصور معنيين، وأكثر دفعة واحدة فالحق - كما يتضح في الأمر التالي - عدم امتناعه.
وإن كان أنه بعد الوضع لابد وأن يوجد كل من المعنيين مستقلا بدون الآخر - كما كانا حال الوضع - ففيه: أن معنى استقلال المعنى هو أن لا يكون معناه مرتبطا بالآخر، وهذا لا ينافي حصول المعنى الآخر مقارنا لحصوله.
وبالجملة: فرق بين الاستقلال والانحصار، والأول لا ينافي حضور المعنى الآخر مقارنا له بخلاف الثاني، وهو أول الكلام، فتدبر.
والحاصل: أنه لم يقم دليل على كون الاستقلال بمعنى عدم وجود انتقال آخر معه - الذي هو معنى الانحصار - بل معناه أن معناه لم يكن مرتبطا بالمعنى الآخر؛ فلا ينافي حصول المعنى الآخر مقارنا لحصوله.
مضافا إلى أن مرجع هذا الإشكال إلى عدم جواز استعمال اللفظ في الأكثر من معنى واحد، وهذا غير الوضع للكثير، الذي بصدد إثبات إمكانه فعلا؛ لأن غاية ما يقتضيه ذلك هي صيرورة اللفظ مجملا.
فظهر مما ذكر: أنه لا محذور عقلا في الاشتراك.
ولكن ربما يظهر من بعضهم (1): أن الاشتراك واجب، بلحاظ أن الألفاظ