يظهر من الجواب الثاني من المحقق العراقي (قدس سره) عن الإشكال: بأنه يرى تمامية المقدمة الأولى وكبرى المقدمة الثانية، ولكن ناقش في كون ما نحن فيه من صغرى تلك الكبرى؛ لأنه قال: لا نسلم أن وضع اللفظ للمعنى يوجب كونه مرآة له بالفعل، بل الوضع يوجب استعداد اللفظ الموضوع للحكاية عن المعنى عند الاستعمال، وبالاستعمال يخرج من القوة إلى الفعلية في الحكاية المرآتية.
فعلى هذا: إذا استعمل اللفظ في المعنى الآخر ثانيا يوجد فرد جديد من طبيعي اللفظ، ويصير مرآة للمعنى الآخر، فلم يكن لفظ واحد شخصي مرآتين لمعنيين، ولو في آنين (1).
ولكن الذي يقتضيه التحقيق: هو عدم استقامة كلتا المقدمتين، مع عدم الاحتياج في أصل الإشكال إلى المقدمة الأولى؛ وذلك:
أما المقدمة الأولى ففيها:
أولا: أنه لو كان وضع اللفظ للمعنى بالكيفية التي ذكرها يلزم أن يكون الوضع والموضوع خاصين في جميع الأوضاع - حتى في أسماء الأجناس - وهو كما ترى.
بل الوضع عبارة عن جعل نفس طبيعة اللفظ لطبيعة المعنى، من دون لحاظ الكثرات؛ لا من ناحية اللفظ ولا من ناحية المعنى بنحو القضية الحقيقية.
ألا ترى أن وضع لفظة " الإنسان " مثلا للماهية المعلومة لم يلحظ في ناحية اللفظ كل ما يوجد للإنسان لفظ، ولا في ناحية المعنى كذلك، بل وضعت طبيعي تلك اللفظة لطبيعي تلك المعنى والماهية فتدبر.