القضية المهملة الراجعة إلى ثبوت الحكم للماهية في الجملة بالنحو المردد بين تمام الافراد وبعضها، من دون أن يبتنى الاستعمال مع ثبوت الحكم للبعض على قصده بنحو التقييد المبتنى على أخذ الخصوصية المعينة له، ولا بنتيجته المبتنية على ملاحظته بذاته، بل على ملاحظة الماهية بذاتها ونسبة الحكم إليها في الجملة.
ويشهد بما ذكرنا عدم العناية في الاستعمال المذكور ارتكازا، الذي يبتنى على كثير من القضايا الشايعة بين أهل اللسان، كقولنا: قد رأيت الأسد، وركبت الفرس، وأكلت اللحم، وشربت اللبن، وغيرها، وكما في القضايا المتضمنة للأحكام عند عدم كون المتكلم في مقام البيان من بعض الجهات، حيث لا اشكال في عدم ذلك على العناية باستعمال اللفظ في المقيد.
كيف وقد لا يحيط المتكلم عند الاستعمال بالخصوصيات والقيود الدخيلة في الحكم ليتسنى له الاستعمال في المقيد بها أو المقارن لها. فلولا صحة الحكم على الماهية بحدودها المفهومية بمجرد ثبوته لبعض أفرادها لم تصح الاستعمالات المذكورة.
والفرق بين ما ذكرنا وما سبق من المتأخرين من دعوى الوضع للجامع بين المطلق والمقيد: أن التوسع - على ما ذكروه - في مفهوم اللفظ الدال على الماهية، و - على ما ذكرنا - في مفاد الحمل والحكم على الماهية.
ولعل ارتكازية صحة الاستعمال المذكور وعدم مجازيته هو الذي أوهم سعة ما وضع له لفظ الماهية بالنحو المتقدم، الذي ذكرنا عدم امكان الالتزام به، وأنه يتعين توجيه هذا الاستعمال بما سبق.
نعم، لا يتعين ما ذكرنا في التقييد المنفصل، بل كما يمكن ذلك فيه، يمكن أن يبتنى على قيام قرينة متصلة حالية أو مقالية على التقييد وان خفيت، أو على استعمال المطلق في المقيد مجازا، كما سبق من القدماء. لأنه بعد أن