أشرنا في المقدمة إلى أن الأصول النظرية التي يكون مضمونها أمرا واقعيا مدركا لا يتضمن العمل بنفسه، بل بخصوصية متعلقة لكونه حكما شرعيا عمليا أو ملازما له تنحصر في مباحث الألفاظ المتضمنة تشخيص الظهورات الكلامية - والتي تقدم الكلام فيها ومباحث الملازمات العقلية المتضمنة للكلام في ادراك العقل أمرين لينتقل من أحدهما للاخر. وهي التي عقد البحث في هذا المقام لها.
ويفترقان في أن الظهورات اللفظية، حيث لا تستلزم العلم بمضمونها، توقف العمل بها على ثبوت كبرى حجية الظهور التي هي من مسائل الأصول، فهي ترجع إلى تنقيح صغريات الكبرى المذكور ة.
أما الملازمات العقلية فحيث كانت وجدانية قطعية فترتب العمل عليها لا يتوقف على حجية شئ غير العلم الذي لا يكون البحث عن حجية من مسائل الأصول، بل يكون البحث في مسائل الأصول بعد الفراغ عن لزوم العمل به، حيث لا يترتب العمل عليها لولاه.
وأما ما جرى عليه بعض المعاصرين في أصوله من جعل مسائل الملازمات صغريات لكبري مسألة أصولية، وهي مسألة حجية الدليل العقلي.
فهو خروج عما يقتضيه نظم البحث في المسائل الأصولية. وربما جره اضطراب كلماتهم في المقام.