قبل الفجر ليلة رمضان، فإنهم حكموا بوجوبه قبل الفجر، مع أنه لم يتعلق الوجوب بالصوم بعد. والذي قيل في جل هذه العويصة أمران:
(إحداهما) - المحكى عن بعض أعاظم المحققين في تعليقاته على المعالم. وملخصه أن الوجوب المتعلق بالغسل قبل الفجر - وأمثاله من المقدمات التي يتعلق بها الوجوب قبل ذيها - ليس من الوجوب الغيري أي الوجوب المعلول من وجوب ذي المقدمة، بل هو وجوب نفسي لوحظ فيه الغير، بمعنى ان الشارع لاحظ في ايجابه النفسي تمكن المكلف من امتثال الواجب النفسي الذي يتحقق وجوبه فيما بعد.
(ثانيهما) - ما افاده صاحب الفصول (قدس سره) من الفرق بين الواجب المشروط والمعلق. وحاصل ما افاده أن الواجب ينقسم إلى ثلاثة اقسام: مطلق، ومشروط، والأول على قسمين، منجز ومعلق، والمنجز ما كان زمان الوجوب فيه متحدا مع زمان الواجب، والمعلق ما كان زمان الوجوب فيه منفكا عن زمان الواجب.
توضيح ذلك أن نسبة الفعل إلى الزمان والمكان متساوية، ولا ريب في امكان كون الفعل المطلوب مقيدا بوقوعه في مكان خاص، كالصلاة في المسجد، وكذا في امكان كون وجوبه مشروطا بكون المكلف في المكان الخاص، وعلى الأول فاللفظ الكاشف عن ذلك الطلب لا بدأن يكون على وجه الاطلاق، كأن يقول: (صل في المسجد) وعلى الثاني لا بدان يكون على وجه الاشتراط، كان يقول: (إذا دخلت المسجد فصل) وهذان الوجهان بعينهما جاريان في الزمان أيضا، فيمكن أن يلاحظ الآمر الفعل المقيد بوقوعه في زمان خاص، فيطلب على هذا الوجه من المكلف، ولابد أن يكون التعبير عن ذلك المعنى على وجه الاطلاق، كأن يقول: (صل صلاة واقعة في وقت كذا) ويمكن أن يلاحظ الفعل