ان التعبد الاستصحابي لا بد فيه من أن يكون الحدوث متيقنا والبناء مشكوكا فيه ليكون التعبد تعبدا بالبقاء بعد حدوثه مع أن المفروض في المقام انه لا شك في حكم الخاص بعد ورود الدليل على حكمه وانما الشك في أن حكمه قبل ذلك كان هو هذا الحكم بعينه ليكون دليل الخاص مخصصا لدليل العام أو ان حكمه كان على طبق العموم ولكنه ارتفع بورود دليل الخاص ليكون هذا الدليل ناسخا لدليل العام فالشك انما هو بلحاظ حال الحدوث دون البقاء ومعه لا معنى لجريان الاستصحاب كما هو ظاهر (الثاني) ان اللازم على المكلف بعد ورود الخاص انما هو تطبيق عمله على طبق الخاص سواء في ذلك كون الخاص المتأخر مخصصا للعام المتقدم وكونه ناسخا له وعليه فلا اثر لجريان أصالة عدم النسخ بلحاظ حال البقاء والاستمرار ومن الواضح انه يعتبر في جريان الأصل العملي وجود اثر له بلحاظ ظرف التعبد بالبقاء (واما دعوى) ان جريان أصالة عدم النسخ وان لم يترتب عليه اثر بلحاظ حال البقاء والاستمرار الا انه يترتب عليه ثبوت حكم العام إلى زمان الخاص ويكفى هذا المقدار من الأثر في جريان الأصل وصحة التعبد به (فهي مدفوعة) بان التعبد في موارد الاستصحاب بما انه تعبد بالبقاء لابد فيه من أن يكون الأثر العملي في مورده بلحاظ حال البقاء وبما ان المفروض انه لا اثر عملي في المقام بلحاظ حال البقاء لا يجرى فيه الاستصحاب (واما توهم) كون أصالة عدم النسخ أيضا من الأصول اللفظية استنادا إلى دعوى ان دليل الحكم ظاهر في استمرار ذلك الحكم ودوامه أو إلى دعوى ان قولهم عليهم السلام حلال محمد صلى الله عليه وآله حلال إلى يوم القيمة وحرامه حرام إلى يوم القيمة ظاهر في أن كل حكم ثابت في الشريعة المقدسة مستمر إلى يوم القيمة فيتمسك في كل مورد يشك فيه في استمرار الحكم الثابت فيه بعموم هذا الدليل (فهو باطل) لبطلان كلتا الدعويين المزبورتين (اما الدعوى الأولى) فيبطلها امتناع كون دليل الحكم متكفلا ببيان استمرار ذلك الحكم ودوامه لان الحكم باستمرار أي حكم انما هو في مرتبة متأخرة عن نفس ذلك الحكم ضرورة انه لابد من أن يكون نفس الحكم مفروض الوجود حين الحكم عليه بالاستمرار فكيف يعقل أن يكون دليل واحد متكفلا باثبات نفس الحكم وباثبات ما يتوقف على كون ذلك الحكم مفروض الوجود في الخارج (واما الدعوى الثانية) فيبطلها انه لا ظهور لقولهم عليهم السلام
(٥١١)