الحكمة في متعلق العموم كما مر بيان ذلك فيما تقدم ومن الواضح ان الخاص المتقدم يصلح لان يكون بيانا لتقييد متعلق العموم المتأخر ضرورة انه لا محذور في تقديم البيان ولو بنينا على قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة ومعه لا تجرى مقدمات الحكمة في متعلق العموم فلا تكون أصالة العموم جارية (واما الخاص المتأخر) عن وقت العمل بالعام فهو أيضا قابل لا يكون بيانا لتقييد متعلق العموم المتقدم ولان يتكل عليه المتكلم في مقام البيان بعد ما عرفت من صحة تأخير البيان عن وقت الحاجة فيما إذا كانت هناك مصلحة تقتضيه وعليه فلا تكون مقدمات الحكمة جارية في فرض الظفر بما يصلح لبيان التقييد فلا تجرى أصالة العموم في العام المتقدم لما عرفت من أن جريانها يتوقف على جريان مقدمات الحكمة المفروض عدمه في مفروض الكلام (فتحصل) ان عدم جريان أصالة العموم في هذه الموارد انما هو لأجل قصور مقتضى الجريان في نفسه فيها (وهذا الوجه) هو الصحيح في وجه تعين حمل الخاص على كونه مخصصا للعام مطلقا سواء في ذلك تقدم الخاص على العام وتأخره عنه ومعه لا يبقى مجال لاحتمال كون المتأخر منهما ناسخا للمتقدم (واما ما قيل) في وجه تعين حمل الخاص على كونه مخصصا من أن الامر في محل الكلام دائر بين رفع اليد عن أصالة العموم ورفع اليد عن أصالة عدم النسخ وفي مثل ذلك لا بد من رفع اليد عن أصالة العموم لقلة النسخ وكثرة التخصيص (فيرد عليه أولا) ما عرفت من أنه لا تجرى أصالة العموم في المقام في نفسها فكيف يعقل أن تكون معارضة لأصالة عدم النسخ (وثانيا) ان أصالة العموم لو كانت جارية في المقام لم يبق مجال لجريان أصالة عدم النسخ فيه فكيف يعقل أن يكون جريان أصالة عدم النسخ مانعا من جريان أصالة العموم الوجه في ذلك ان أصالة العموم انما هي من الأصول اللفظية واما أصالة عدم النسخ فهي من الأصول العملية إذ لا مدرك للحكم باستمرار حكم شخصي ثابت في مورد ما عند الشك في ارتفاعه الا الاستصحاب المجمع على حجيته ومن الواضح انه لا مجال لجريان الأصل العملي في مورد يجرى فيه الأصل اللفظي بل إن أصالة عدم النسخ فيما كان الخاص فيه واردا بعد حضور وقت العمل بالعام غير جارية في نفسها لوجهين (الأول)
(٥١٠)