فربما يقال فيه (1) بان المعارض للعام إن كان هو نفس المفهوم بمجرده فلا بد من تقديم المفهوم عليه مطلقا سواء كانت النسبة بينهما بالعموم من وجه أم كانت بالعموم والخصوص على الاطلاق فان رفع اليد عن المفهوم مع عدم التصرف في المنطوق مع أن المفروض لزومه له بنحو الأولوية أمر غير ممكن واما رفع اليد عن المنطوق والتصرف فيه مع عدم كونه معارضا للعموم فلا وجه له وعليه فيتعين التصرف في العموم وتخصيصه بغير مورد المفهوم لا محالة (ولكن التحقيق) ان المفهوم إذا كان معارضا للعموم امتنع ان لا يكون المنطوق معارضا له أيضا والسر فيه ان دليل الحكم الثابت في المنطوق كما أنه يثبت حكما آخر بالأولوية كذلك الدليل الدال بعموم على نفى الحكم الثابت بالمفهوم يدل على نفى الحكم الثابت بالمنطوق على نحو الأولوية أيضا ضرورة ان ثبوت الملزوم كما يستلزم ثبوت لازمه كذلك نفى اللازم يستلزم نفى ملزومه فترجع المعارضة بين المفهوم والعموم بالآخرة إلى المعارضة بين المنطوق والعموم وعليه فإن كان المنطوق أخص مطلقا من العموم كما إذا ورد لا تكرم الفساق وورد أكرم فساق خدام العلماء الدال بمفهومه على وجوب اكرام العلماء أنفسهم فلا محالة يقدم المفهوم على العموم ولو كانت النسبة بينهما بالعموم من وجه والوجه في ذلك أنه لا يمكن التصرف في المفهوم نفسه من دون التصرف في المنطوق على ما مر بيانه كما أنه لا يمكن التصرف في مفروض الكلام في المنطوق لكونه أخص فينحصر الامر بالتصرف في العموم وابقاء المفهوم على عمومه فيكون المقام من جملة الموارد التي لابد فيها من تقديم أحد العامين من وجه لأجل وجود المرجح فيه على الاخر الفاقد للترجيح كما إذا كان فرض ان الباقي تحت أحد العامين بخصوصه على فرض تخصيصه بالعام الاخر بمقدار يستهجن التخصيص إلى ذلك المقدار فان ذلك يكون مرجحا له وموجبا لتقد مه على الاخر (واما إذا كانت) النسبة بين المنطوق والعموم أيضا نسبة العموم من وجه كما إذا كان المنطوق في مفروض المثال أكرم خدام العلماء فان قدم حينئذ المنطوق على العموم في مورد التعارض ودخل بذلك الخادم الفاسق للعالم في موضوع وجوب الاكرام كان المفهوم الثابت بالأولوية القطعية
(٥٠٠)