فإذا كان الاستعمال فيهما على نهج واحد فبورود دليل التخصيص بمثل لا تكرم ادعائي يستكشف ان المتكلم لم يكن محرزا لحال الافراد من هذه الجهة وانما وكل احرازه إلى نفس المخاطب فيكون دليل التخصيص مقيدا للمراد الواقعي في المثال المزبور بغير الأعداء فلا يمكن التمسك بالعموم عند عدم احراز القيد كما كان الحال كذلك في القضايا الحقيقية بعينها ومما ذكرنا يظهر عدم جواز التمسك بعموم الحكم أيضا في الشبهات المصداقية فان عموم الحكم انما يتبع عموم موضوعه وبما ان صدق موضوعه بعد تخصيصه على الفرد المحتمل كونه من افراد المخصص يكون مشكوكا فيه لا يمكن التمسك بعموم الحكم أيضا (فان قلت) إذا كان موضوع دليل التخصيص في القضية اللفظية مثل كلمة هؤلاء ودار امرها بين أن تكون إشارة إلى خمسة افراد من افراد العام أو أكثر منها مثلا فلا اشكال في أن مقتضى القاعدة حينئذ هو التمسك بالعموم في غير ما علم وقوع الإشارة عليه من الافراد وعليه فماذا يكون فارقا بينه وبين ما هو محل الكلام في الشبهة المصداقية (قلت) الفارق هو ان الشك إذا كان ناشئا من وقوع الإشارة على الخمسة أو الأكثر فلا محالة كان ما هو المراد من الخاص مرددا بين الأقل والأكثر من جهة اجمال المفهوم ولا شبهة في أن مقتضى القاعدة فيه هو التمسك بعموم العام نعم إذا علم وقوع الإشارة على جماعة معينة معنونة بعنوان الجهال مثلا كما إذا قال لا تكرم هؤلاء الجهال مشيرا به إلى جماعة بعينها ثم دار الامر في فرد بين دخوله فيها وخروجه عنها لم يمكن التمسك فيه بالعموم وكان حاله حال القيام بعينه.
(ثم إنه) ربما يتمسك لجواز التمسك بعموم العام في الشبهة المصداقية بقاعدة المقتضى والمانع بتقريب ان عنوان العام انما هو من قبيل المقتضى لثبوت الحكم لكل واحد من الافراد المتحققة في الخارج وعنوان الخاص انما هو من قبيل المانع له فإذا أحرز المقتضى وشك في وجود المانع فلا بد من الاخذ بالمقتضى والحكم بوجود مقتضاه (ويرد عليه) مضافا إلى عنوان المخصص لا ينحصر في كونه من قبيل المانع دائما بل ربما يكون من قبيل الشرط أو الجزء كما في قوله عليه السلام لا صلاة الا بطهور (1) أو بفاتحة الكتاب ان قاعدة المقتضى والمانع مما لم يدل عليها دليل