كانت أداة العموم مفيدة لسراية الحكم إلى كل قسم من هذه الأقسام لكنه إذا ثبت بدليل اخر تخصيص ذلك العام كما إذا ورد في الدليل انه لا يجب اكرام العالم الفاسق فهذا الدليل وان لم يكن موجبا لرفع ظهور العام في العموم لأن المفروض تمامية دلالته التصديقية بعدم اتيان المتكلم في كلامه بما يوجب تخصيص ذلك العالم إلا أنه يوجب تقييد المراد الواقعي بكشفه عن أن المتكلم لم يبين أولا الا بعض مراده وقد وكل بيان تمام مراده إلى دليل اخر منفصل لحكمة دعته إلى ذلك فإذا انكشف كون المراد الواقعي معنونا بعنوان خاص وسقطت حجية ظهور العام بالإضافة إلى افراد المخصص لم يبق مجال توهم التمسك به لاثبات الحكم لما لا يعلم أنه من افراد المعنون بذلك العنوان الخاص فكما لا يصح التمسك بعموم الدليل المزبور لاثبات وجوب اكرام من شك في كونه عالما فان دليل العام غير متكفل باحراز من يكون عالما في الخارج بل هو متكفل باثبات الحكم عند تحقق موضوعه المقدر وجوده كذلك لا يصح التمسك به لاثبات الحكم للعالم المحتمل فسقه بعد ورود التخصيص عليه بمثل لا تكرم فساق العلماء وتقييد المراد الواقعي بغير الفاسق لان اثبات الحكم لشيئ خارجا انما هو فرع احراز تحقق تمام موضوعه وبما ان المفروض في محل البحث ان تحقق تمام الموضوع مشكوك فيه في الخارج لا يمكن التمسك بعموم العام لاثبات الحكم للفرد المشكوك فيه (واما القضية الخارجية) فلان غاية ما يمكن ان يتمسك به لجواز التمسك بالعموم في الشبهة المصداقية فيها هو ان المتكلم في موارد القضايا الخارجية هو الذي تكفل باحراز انطباق عنوان العام على المصاديق الخارجية فيكون ظهور كلامه متبعا في غير ما علم خروجه وجه من حكم العام بالعلم بدخوله في عنوان الخاص (ولكنه يندفع) بانا لا نشك في أن نحو استعمال العام في القضايا الخارجية لا يباين نحوه في القضايا الحقيقية في أن عنوان العام انما يؤخذ في موضوع الحكم في مقام الاثبات مرآة إلى افراده الخارجية أو المقدرة وانما الفرق بينهما هو ان العام في القضايا الحقيقية مع كونه مرآة لافراده المقدر وجودها في الخارج يكون له دخل ثبوتا في ثبوت الحكم للافراد فيكون العام وسطا في الثبوت وهذا بخلاف القضايا الخارجية فان عنوان العام لا يكون فيها دخيلا في ثبوت الحكم أصلا وانما يكون ثبوت الحكم للافراد بملاك آخر يقتضيه لكن هذا الفرق لا يكون فارقا فيما نحن بصدده من كون عنوان العام مأخوذا مرآة لافراده الخارجية أو المقدرة
(٤٥٩)