فان دليل العموم انما هو بمنزلة الكبرى الكلية غير المتكفلة ببيان حال الافراد وليس حال حال البينة القائمة على أن زيدا العالم يجب اكرامه الموجبة لانحلال العلم يقينا فإنها متكفلة ببيان حال الفرد فتكون موجبة للانحلال لا محالة واما دليل العالم فبما انه لا نظر له إلى خصوص فرد لا يكون موجبا لانحلال العلم الاجمالي فيسقط العموم عن الحجية بالإضافة إلى زيد العالم أيضا (ولكنه لا يخفى) ان دليل العام وان لم يكن متكفلا ببيان حكم خصوص فرد من الافراد ابتداء الا انه لا محالة يثبت له الحكم بعد انضمام الصغرى إلى الكبرى الكلية المستفادة من دليل العالم فإذا ثبت له حكم وجوبي بمقتضى العموم ارتفعت عند الحرمة بالملازمة فتتعين الحرمة في الطرف الآخر بالملازمة والمثبت من الأصول اللفظية لكونها ناظرة إلى الواقع يكون متبعا بلا كلام فيكون دليل العام كقيام البينة موجبا لانحلال العلم الاجمالي لما ثبت في محله من أن الانحلال كما يتحقق باثبات الحكم المعلوم بالاجمال في طرف كذلك يتحقق بنفيه عن ذلك الطرف وبما ان دليل العام ينفى الحرمة عن أحد طرفي العلم الاجمالي يوجب انحلاله واختصاص الحكم بالحرمة بالطرف الاخر.
(الثاني) إذا تردد أمر فرد بين دخوله في افراد المخصص وعدمه لا من جهة اجمال مفهوم المخصص بل من جهة شبهة خارجية ففي جواز التمسك بالعموم حينئذ وعدمه خلاف ربما ينسب إلى المشهور والأشهر جوازه لأجل فتواهم بالضمان فيما إذا دار أمر اليد بين أن يكون يد ضمان وعدمه بل ربما ينسب إلى العلامة الأنصاري (قده) التمسك بعمومات أدلة انفعال الماء في الحكم بنجاسة الماء المردد امره بين كونه قليلا قابلا للانفعال وكونه كثيرا معتصما بنفسه وسيأتى الكلام في صحة نسبة ذلك إلى المشهور وعدمها انشاء الله تعالى (وكيف كان) فالحق هو عدم جواز التمسك بعموم العام عند الشك من جهة الشبهة الخارجية سواء في ذلك القضية الحقيقية والقضية الخارجية (اما القضية الحقيقية) فلما عرفت من أن شأن أداة العموم فيها انما هو تسرية الحكم إلى كل قسم من الأقسام التي يمكن انقسام مدخول الأداة بالإضافة إليها مثلا العالم يمكن أن يكون نحويا وأن يكون غير نحوي كما يمكن أن يكون عادلا وأن يكون غير عادل وهكذا بالإضافة إلى بقية الخصوصيات التي بها ينقسم مفهوم العالم إلى أقسام كثيرة فإذا ورد الدليل على وجوب اكرام كل عالم