المبحوث عن وجوبه بمعنى المقتضى لا السبب التوليدي (واما العلل المعدة) (فهي) ما يتوسط بينها وبين المعلول أمر اخر سواء كان ذاك الامر اختياريا كصعود الدرج المترتبة أو غير اختياري كما في الزرع والسقى ونحوهما فإنهما من العلل المعدة لكون البذر حنطة أو ثمرا (فان) ترتبهما على الزرع والسقى يحتاج إلى أمور عديدة غير مقدورة للزراع والساقي (والفرق) بين القسمين هو ان الواسطة إذا كانت اختيارية فحالها حال الأسباب التوليدية في صحة تعلق التكليف بالمعلولات واما إذا كانت غير اختيارية فيستحيل تعلق الإرادة التكوينية بها الا إرادة سفهائية فيستحيل تعلق الإرادة التشريعية بها أيضا (والسرفية) (هو) ان الإرادة التشريعية بعث إلى ما يتعلق به الإرادة التكوينية فلو لم يمكن الثانية يستحيل الأولى أيضا فالتكاليف في هذا القسم لا محالة تتعلق بنفس العلل المعدة لا بما يترتب عليها من الأمور غير الاختيارية (وما يقال) من أن المقدور بالواسطة مقدور (انما يتم) فيما كان الواسطة أمرا اختياريا لاغير اختياري كما هو واضح (ولذا) افتى الفقهاء بأنه لو شرط في ضمن العقد جعل البسر رطبا كان المشروط كشرطه باطلا لعدم كونه تحت القدرة (ثم) ان هذا كله في مقام الثبوت واما في مقام الاثبات (فتارة) تكون المسببات من الأمور العرفية التي يعلم كونها من الافعال التوليدية (فلا فرق) (ح) بين تعلق التكليف بالمسببات أو الأسباب كالطهارات الخبثية إذ لافرق بين أمر المولى بالطهارة بقوله وثيابك فطهر (وبين) امره بالغسل بقوله اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه وعلى كلا التقديرين فيكون كل منهما مقيدا بالآخر (واخرى) لا يكون كذلك بل من الأمور التي لا يكون للعرف طريق إلى معرفة حقيقتها (و ح) فيستكشف ذلك بطريق الان من تعلق الامر (فان) تعلق الامر بالمسبب (فنعلم) انه من قبيل الافعال التوليدية كما قيل ذلك في الطهارة الحدثية من جهة قوله تعالى (وان كنتم جنبا فاطهروا) (والا فلا) (إذا عرفت ذلك فنقول) ان العبادات كلها من قبيل العلل المعدة فان المأمور به فيها هي أنفسها لاما يترتب عليها من الأغراض فيعلم ان نسبة العبادات إليها نسبة العلل المعدة إلى معاليلها لا نسبة الأسباب التوليدية إلى مسبباتها ويحتاج ترتب الأغراض عليها إلى توسط أمور الهية غير اختيارية للمكلف والا لكان تعلق الامر بنفس الغرض مع عدم كونه أمرا عرفيا معلوما نظير الطهارة الخبثية أولي من تعلقه بنفس الاجزاء والشرائط
(٣٩)