جاهلا بتوجه خطاب الإزالة إليه لجهله بوجود النجاسة في المسجد فالتكليف المجهول بما انه لا يمكن أن يكون شاغلا للمكلف بامتثاله لا يوجب عجز المكلف عن فعل آخر غير متعلقة فيكون المكلف بالإضافة إلى متعلق الخطاب الاخر قادرا فيكون خطابه فعليا لا محالة وبالجملة المانع من فعلية خطاب المهم انما هو فعلية خطاب الأهم فإذا فرض الجهل به وعدم فعليته لم يكن هناك مانع من فعلية خطاب المهم أصلا (فهو فاسد) من وجوه (اما أولا) فلان جعل الحكم الاقتضائي على طبق كل من الملاكين لا يكون بنفسه باعثا للمكلف وزاجرا له لوضوح ان الانبعاث والانزجار انما ينشئان من البعث والزجر الفعليين وبما ان الحكم الفعلي في محل الاجتماع يكون واحدا لا محالة كان جعل الحكمين الاقتضائيين لغوا محضا لا يترتب عليه شئ مع أنك قد عرفت في ما تقدم ان الامر الملتفت إلى التقسيمات الأولية كتقسيم الصلاة إلى الصلاة الواقعة في الدار المغصوبة والواقعة في غيرها وتقسيم العالم إلى العادل والفاسق يستحيل في حقه الاهمال بحسب مقام الثبوت فإنه حين التفاته إلى الانقسام المزبور لا بد من أن تتعلق ارادته بتمام الأقسام أو ببعضها ولا يمكن فرض الاهمال في مقام الثبوت وانما يمكن ذلك في مقام ألد لالة والاثبات فلا يعقل جعل حكمين اقتضائيين بحيث لا يكون الحاكم حين حكمه بكل منهما ناظرا إلى متعلق الحكم الاخر ليكون الحكم اقتضائيا جهتيا فلا بد من أن يكون متعلق كل من الحكمين لدى الحاكم معلوما بينا من أول الأمر على نحو الاطلاق أو التقييد (واما ثانيا) فلان التزاحم في الملاكات باعتبار تأثيرها في حكم الحاكم وإن كان مما لا ينكر الا انه أجنبي عن التزاحم في محل الكلام فان التزاحم في محل الكلام انما هو في ما إذا تم كل من الحكمين في نفسه وجعل على موضوعه المقدر وجوده لكن وقع التزاحم في مقام الامتثال لفرض عدم قدرة المكلف على امتثال كليهما و صلوح كل منهما لان يكون شاغلا للمكلف بامتثاله عن امتثال غيره ورافعا لموضوعه أعني به القدرة على ايجاد متعلقه فإذا فرض كون أحد الحكمين أهم من الاخر تعين ذلك في كونه معجزا عن امتثال الاخر دون العكس لكن تعجيزه عنه انما هو على تقدير وصوله إلى المكلف ولزوم امتثاله بحكم العقل واما في ظرف الجهل به فبما انه لا يكون شاغلا للمكلف بامتثاله لا يكون معجزا له عن امتثال غيره فلا محالة يكون التكليف في طرف المهم بلا مزاحم وهذا
(٣٦٠)