أقسام (اما القسم الأول) أعني به ما إذا كانت النسبة بين المأمور به والمنهى عنه تنزيها نسبة العموم والخصوص من وجه فلا اشكال فيه في صحة العبادة وعدم كون الدليل النهى التنزيهي مقيدا لاطلاق المأمور به على القول بالجواز لان المأمور به يكون حينئذ مغايرا للمنهى عنه بالهوية فلا موجب للتقييد واما على القول بالامتناع وفرض وحدة الهوية في الخارج فربما يتوهم التنافي بين وقوع المأتى به مصداقا للمأمور واتصافه بالكراهة فعلا لان تضاد الاحكام لا يختص بالوجوب والحرمة بل يعم الاحكام الالزامية وغيرها ففرض كون العبادة مكروهة ينافي فرض كونها مصداقا للواجب أو المستحب فلا مناص عن تقييد دليل الامر بغير موارد الكراهة كما كان هو الحال فيما إذا كان النهى تحريميا (ولكن التحقيق) ان العبادة على هذا القول وإن كانت منهيا عنها لا محالة الا ان النهى عن حصة خاصة لا يوجب تقييد المأمور به بغيرها ما لم يكن النهى تحريميا أو كان النهى مسوقا لبيان المانعية (توضيح ذلك) ان النهى عن حصة خاصة من العبادة تارة يكون مسوقا لبيان كون تلك الخصوصية المتخصصة بها العبادة مانعة عن صحتها من دون دلالته على حكم تكليفي كما في النهى عن الصلاة في اجزاء ما لا يؤكل لحمه والنهى في هذا القسم لا اشكال في كونه مقيدا لاطلاق المأمور به وكشفه عن اختصاص الامر بغير تلك الحصة واخرى يكون النهى مسوقا لبيان حكم تكليفي وذلك الحكم اما أن يكون حكما تحريميا أو يكون حكما تنزيهيا فإن كان الحكم تحريميا كان مقتضاه عدم وجود متعلقه في الخارج وهو ينافي ما يستفاد من اطلاق المأمور به من الترخيص في تطبيقه على أي فرد من افراده أراد المكلف تطبيقه عليه في مقام الامتثال فلا محالة يكون النهى عن حصة خاصة موجبا لتضيق المأمور به وتقييد اطلاقه بغيرها مثال ذلك ما إذا أمر الشارع بالصلاة من غير تقييد بحصة خاصة فاطلاق المتعلق يستلزم ترخيص المكلف في تطبيق المأمور به على أي فرد أراد المكلف ايجاده من افراده فان كل فرد بخصوصه وان لم يتعلق به الامر إذ المفروض تعلقه بصرف وجود الطبيعة القابلة للانطباق على كل فرد الا ان العقل يخير المكلف في تطبيق تلك الطبيعة المطلقة المأمور بها على أي فرد من افرادها أراد المكلف ايجاده في الخارج لتساوي نسبتها إلى تلك الافراد فإذا كان بعض افرادها منهيا عنه بالنهي التحريمي كانت حرمته مانعة عن سراية رخصة التطبيق المستفادة من الاطلاق إلى ذلك الفرد
(٣٦٢)